القائمة الرئيسية

الصفحات

خطبة الشيخ محفوظ نحناح: دور الحريات السياسية في بناء الدولة الحديثة (تيزي وزو 1993)

الشيخ محفوظ نحناح
الخطبة منقولة من اليوتوب ويمكنكم الاطلاع عليها من هنا

 باسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن ولاه إلى يوم الدين.

حضرات السادة، الإخوة والأخوات، رئيس المكتب الولائي أعضاء مجلس الشورى، الإخوة الحاضرين من الأحزاب ومن رجال الأعمال من المثقفين والتجار والاطارات، أحييكم فالسلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته، وأحيي فيكم نبض الإيمان الذي يتحرك في قلوب الجميع وأحيي فيكم شعلة محبة هذا الوطن العزيز الذي أصبح يتلاعب به المزيفون من أهل التدين، والمزيفون من دعاة الديمقراطية ونأسف من البداية على أن التزييف الذي مس الجزائر منذ 1962 إلى اليوم، أنتقل هذا التزييف إلى بعض الأحزاب، ولا منجاة للجزائريين ولوحدة الجزائر وحاضرها ومستقبلها إلا بإزالة اللبس والتزييف والتظليل والديماغوجية التي اصابت بلادنا حتى النخاع، وهذا يتطلب من جميع المخلصين ومن جميع الأطهار في هذا الوطن العزيز أن يتجردوا خدمة لوطنهم وأن يترفعوا عن أنانيتهم وحبهم لذواتهم وأحزابهم وتشكيلاتهم، أن يترفعوا إلى مستوى يليق بمقام الجزائر التي ضربت المثال قبل الإسلام وبعد مجيء الإسلام وأيام الاستعمار وأثناء الجهاد ضد الاستعمار وضربت المثال أيضا بعد الإعلان عن الاستقلال وكأنت الجزائر سببا بعد الله تعالى في أن تستقل كثير من الشعوب وكثير من الدول. وكأنت الجزائر عبارة عن قطب دولي ينظر إليها البشر على أنها دولة ذات أمجاد، وها هي الآن بين أنياب العنف والعنف المضاد؛ سواء كان عنفا سياسيا أو عنفا إعلاميا أو عنفا ثقافيا، هذا العنف الذي طال الجزائريين، لا مخرج منه إلا من خلال المعاني التي تفضل بها من سبقني من إخوانكم، وقد تحدثوا معكم، وسأتحدث معكم حديث العقل للعقل، ينضاف إليه حديث القلب للقب.

الجزائر في مفترق الطرق
الجزائر في مفترق الطرق، وفي معبر لا تحسد عليه، وخصوم الجزائر في الخارج، بالتعاون مع أزلامهم في الداخل، يفرحهم كثيرا أن تشب بيننا نار الفتنة، وأن تتأجج بين المواطنين الجزائريين على اختلاف مستويات تدينهم أن تشب بينهم نار وفي رأينا أن هذه النار لا يمكن أن تنطفئ بصب الزيت عليها، النار دواؤها الماء، ونار الفتنة دواؤها الحوار، والدول التي استطاعت أن تصل إلى مستوى من التحضر-سواء كأنت هذه الدول قبل البعثة المحمدية في اليونان وروما ومصر وبابل في العراق أو بلاد الهند والصين أو بلاد فارس أو البلدان المتقدمة في هذا العصر- لم تستطع أن تصل إلى مستوى من التحضر و تشكيل عقلية المتحضرين إلا من خلال الجلوس إلى مائدة الحوار وتبادل الآراء وكضم الغيض والتصابر على الآخرين وخفض الجناح والاستماع إلى الرأي الثاني، واحترام رأي الثاني وإن كان يُناقض رأي الأول. بهذا استطاع النظام الأمريكي أن يحافظ على قوته وأن يأسس ما سمي الآن بالنظام الدولي الجديد، وتجد كلينتون في اتفاق غزة أريحا في واشنطن يتكلم عن رئيسين سبقاه في الحكم كلاما عظيما، لم يسبهما ولم يشتمهما وانما قال فيهما خيرا وقد حضرا معا ذاك الاجتماع الذي شهده الجزائريون بل والعالم كله، ألا يستطيع الجزائريون أن يثني المتأخر على المتقدم؟ ألا يستطيع الجزائري الآن أن يقول لمن سبقه في العمل السياسي أو العمل الدعوي أو العمل الثقافي. 
ألا يستطيع أن يقول فيه خيرا؟ 
ألا يستطيع رجل منا الآن وهو في حزب من الأحزاب أن يتكلم على غيره بكلام يطيّب فيه القلوب ويجبر به الخواطر؟
 بهذا نستطيع أن نبني الدولة، وعلى الأقل أن نحافظ على هذه الدولة التي لم تصل إلى مستوى الحداثة ولم تتمكن من أن تضع الأسس التي تقوم عليها الدولة الحديثة، لأنها التزمت منذ 1962 إلى الآن، التزمت مبدأ يمكن أن نسميه مبدأ الاقصاء، مبدأ التهميش وعدم الاستماع للرأي الثاني مهما كان صوابا.
 تكلم السياسيون في 1962 ولابأس أن أذكر بأن من تكلم في ذلك الوقت؛ الرئيس حسين آيت أحمد، تكلم كلام في ذلك الوقت وما يزال كلامه إلى الآن حاضرا.
 لماذا لا يُأخذ برأيه في ذلك الوقت ولماذا لا يأخذ برأيه البارحة أو اليوم أو غذا؟ 
 أليس جزائريا تجمعنا به جزائريتنا؟ 
أليس رجلا يمكن أن نأخذ ببعض آرائه؟
 لكن النظرة الأحادية التي أفرزت لنا الدكتاتورية وأفرزت لنا معاني الاستبداد الثقافي والاقتصادي أدي في النهاية إلى ظهور استبداد ديني، والرأي الأحادي الاقصائي التهميشي الذي لا يقبل رأيا آخر حتى وإن كان مصفى مثل العسل لا يقبل.
 وأصبح في مفهومنا نحن أن من ليس معي فهو عدوي وخصمي، والمفروض أنه من ليس معي هو أخي، أن لم يجمعني به الدين، فليجمعني به الطين، وفي الطين فسحة كبيرة ومساحة شاسعة لكي نلتقي مع أبناء الوطن الواحد.
 كيف نستطيع أن نلتقي مع أبناء أوطان أخرى وشعوب أخرى وديانات أخرى ولا نلتقي مع بعضنا؟
 وقد نلتقي مع أعدائنا بالأمس، نسمع من حين إلى آخر أن مسؤولا جزائريا يذهب إلى باريس ليجلس إلى رئيس الحكومة السابق أو إلى رئيس الجمهورية الأسبق، ولا يجلس الجزائري مع أخيه، لماذا؟ نسمع بعض الجزائريين يذهبون إلى مدريد ليجلسوا مع خصومنا وأشد أعداء الله على وجه الأرض «لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود» كما يقول القرآن الكريم، ولا نجلس مع بعضنا.
قد يقول قائل أن هؤلاء القوم، قوم متحضرون ونحن لسنا متحضرين، لكن ما هو المانع لكي نصنع فكرا حضاريا نلتقي فيه مع الأحباب ومع المواطنين ومع الوطنيين ومع الدمقراطيين ومع الحواريين ومع التسامحيين ومع الأصلاء المتأصلين؟
نلتقي معهم على أدنى شيء يجمعنا، ولا يجمعنا في هذه الظروف الكارثية التي تمر بها البلاد سوى أن نجلس إلى بعضنا وأن يستمع بعضنا إلى الثاني، فلعله من خلال الحوار نجد همزة وصل وجسرا من قلب إلى قلب أو قنطرة من عقل لعقل نستطيع من خلال ذلك الجسر أن نكسر الحواجز التي تصنعها واسمحوا ولي بهذه العبارة، التي تصنعها أصابع الغرب المتصهين أو تصنعها أصابع لا تريد الخير لهذا البلد العزيز الذي ضحى ومازال يضحي.
 ويكفي أنه في خلال أيام قليلة تفقد الجزائر كثيرا من مثقفيها يعدون ب10 أو بـ15 أو بـ20 من المثقفين.
 وكان من آخر من سقطوا تحت زخ الرصاص الغادر أخونا الأستاذ الدكتور حمود حملي، والأخ الصديق إسماعيل يفصح، ولا ننسى الأخ العزيز على قلوبنا مصطفى عبادة، جيلالي اليابس، بوخبزة، المحفوظ. 
كل هؤلاء عبارة عن عناصر ربتهم الجزائر وأخرجتهم من ظلمات التخلف في فترة 30 سنة، لكي يكون لهم دور في بناء مستقبل لهذه الجزائر التي أصبحت وكأنها سفينة تهب عليها الرياح من جميع الجهات بغية اغراقها وكسر أجنحتها وارتطامها بالصخور ذات اليمين وذات الشمال ولكن هيهات، لأن السفينة الجزائرية سفينة عميقة الغور فسيحة الأرجاء، يمكنها أن تسع الظالم والمظلوم، والمعتدي والمعتدى عليه، والجاني والجاني عليه.
 وإذا استطاع الجزائريون أن يلتقوا على مثل هذه المعاني، فاعلموا بأنهم قد ركبوا سفينة النجاة وانطلقوا إلى شاطئ الأمان بأقل الخسائر واقل التكاليف، الجزائر تخسر يوميا 5 إلى 10 أفراد، والجزائري يقتل أخاه والعنف يقابل العنف، العنف يقابله التعذيب، العنف يقابله ملاحقات ومداهمات وتضييق لكرامة الانسان وحقوق الانسان، سجون، معتقلات رڨان، واد الناموس. من؟ من هذا للذي يقتُل؟ ومن هذا الذي يُقتَل؟ من هذا التي يعتَقل؟ ومن هذا الذي يُعتَقَل؟ ما هذه الدماء التي تسيل؟ ما وراء هذه الدماء؟ ما الغرض من هذه الدماء التي تسيل؟ ما هو الغرض؟ الدولة الحديثة، بالمفهوم الاسلامي والمفهوم الدمقراطي، لا يمكن أن تقوم إلا على أساس أن نستمع لبعضنا البعض. وقد استطاعت مدينة تيزي وزو في عز الارهاب والعنف أن تستقبل يوما دراسيا يلتقي فيه بعض أبناء الجزائر لتحدثوا مع أبناء هذه المنطقة، وتيزي وزو منطقة من مناطق الجزائر الشاسعة تعطي كما أعطت وتأخذ كما أخذت وتقتبس كما يقتبس منها غيرها، وأردنا أن نتحدث عن مشكلة أيها الإخوة؛ مشكلة الدولة الحديثة وأهميتها من خلال نظرتنا نحن في هذه الحركة المتواضعة التي تريد أن تعطي في ظرف التحولات الدولية وفي ظرف الموازنات الاقليمية، وفي ظل رائحة البارود وفي ظل تخاصم الاصدقاء، وعداوة الإخاء، أردنا أن نتسلل إلى هذه المنطقة، لنعبر عن جملة من آرائنا وأفكارنا، ليس من باب المهرجانات الخطابية، ولا من باب التحريض، وإنما من باب أن يخاطب العقل العقل، وأن نستحث في الحاضرين أن يبلغوا الغائبين غيرتهم على وطنهم وغيرتهم على دينهم، وغيرتهم على وطنهم الذي ضحى أبناء هذه المنطقة بفلذات أكبادهم منذ فترة تعد بأكثر من قرن، منذ لالة فاطمة نسومر وما قبلها إلى اليوم، اردنا من خلال هذا اليوم الدراسي وعاش الأحبة، أن نخاطب فيكم ماذا نقصد بالدولة الحديثة لأن هناك هجمات متكررة تقول بأن الحركة الاسلامية ليس لديها مشروع وهذا من قبيل زرع الشبهات وبالأخص أن الحركة الاسلامية لم يسبق لها وأن كان لها دور في مراكز صناعة القرار، الحركة الاسلامية عانت وماتزال إلى الآن تعاني من القهر والقمع والتعذيب والسجون والملاحقة والمداهمة، واذا ما كأنت الحركة الاسلامية منذ نشأتها منذ أكثر من ربع قرن وهي تعمل من أجل اثبات الهوية الباديسية لا الباريسية، إثبات الهوية لهذا الاقليم الممتد من طنجة إلى جاكرتا، من طنجة إلى طشقند، اثبات الهوية على أننا أمة عريقة ذات أمجاد كأنت مرحلة عسيرة جدا انتقلنا من خلالها إلى مرحلة مقاومة الاستبداد والرؤية الأُحادية والنظرة الاشتراكية التي رفضناها منذ نشأتها ثم انتقلنا إلى مرحلة اقرار الحريات، ولعل هذا موضوع حديثنا اليوم، اقرار الحريات والدفاع عن حقوق الانسان، وكرامة الانسان من خلال فهمنا لحقوق الانسان، من خلال الكليات الخمس التي وضعها الأصوليون، في تاريخنا الاسلامي، قد أتكلم عنها بعد قليل، الكليات الخمس التي تكلم عنها الاصوليون وليس الأصوليون بالفهم الذي يفهمه بعض رجال الاعلام الآن على أن الأصوليون هم les fondamentalistes أو هم المتشددون أو هم المتعصبون، الأصوليون في تاريخنا غير هؤلاء، الأصوليون شيء آخر، وهم علماء الأصول، الذين وضعوا أصولا لفهم حقائق الإسلام ومقاصد الشريعة ومعرفة أبعاد الإسلام، ولعل من أعظم أبعاد الإسلام هو إعطاء الحرية للإنسان، لا يقهره أبدا على أن يقبل العقيدة رغم أنفه، ولهذا جاء في القرآن الكريم «لا إكراه في الدين»، جاء في القرآن الكريم «لكم دينكم ولي دين» وهذه نقرأها في كل صلاة فجر وفي كل صلاة شفع «قل يا أيها الكافرون» حتى نختمها «لكم دينكم ولي دين» لا إكراه، لا يُفرض على كل إنسان أن يكون مسلما، لكن يُفرض عليه ألا يعتدي على غيره، هذا الفرق فيما يتعلق بقضية الإسلام بأنه يدعو إلى الحرية، بل الإسلام يدعو إلى الرفض، يدعو إلى رفض، لا يعلمك أن تطأطأ رأسك، بل الاسلام يعلمك أن تقول: لا إله إلا الله، منذ البداية النفي، نفي مع اثبات، لا إله إلا الله، أي لا تطع شيئا آخر سوى المعبود الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك، فأنت حُر، لا يمكن أن تُقهر على قبول فكرة، قد تسجنني قد تقهرني، قد تقطع لساني، لكن لا تستطيع أن تمنع تفكيري، فرق بين أن تُكره الناس، «أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين، لست عليهم بمسيطر» فإذا موضوع الإسلام يدعونا مباشرة إلى أن تكون حُرّا، حرية ما بعدها حرية، لا يمكن أن تصل الحرية الرأسمالية بالمفهوم الغربي ولا الحرية الاشتراكية بشقه الغربي الشرقي، لأننا جربنا الحريتين معا، حرية الاستعمار130 سنة، ونعرف ماهي قيمة الاستعمار، وكان الاستعمار الفرنسي في عز حريته وديمقراطيته، يحب الحرية لأبنائه ولا يحب الحرية لغيره، وجربنا الحرية الاشتراكية ووجدنا أن الشيوعية التي دخلت في 17 أكتوبر-هذه مناسبتها- الحرية الاشتراكية الشيوعية التي دخلت بالدماء في 17 أكتوبر 1917 خرجت الشيوعية أيضا بالدماء، دخلت في أكتوبر وخرجت في أكتوبر، يعضون على الشيوعية والاشتراكية بالنواجد، فإذا الاسلام شيء آخر، لهذا أيها الأحبة عندما نتكلم عن موضوع أهمية الحريات في الإسلام فإنما نعني أن يكون الإنسان حرا، فإذا اختار الطريق نحو الله تبارك وتعالى، ثم بدى له أثناء الطريق شيء آخر ويحب أن يلعب يذهب لليمين أو لليسار مرة باريس، مرة موسكو، مرة واشنطن ، مرة لا نعرف أين يريد أن يمشي، نقول له لا، هذه خيانة. ما دمت اخترت كلمة لا إله إلا الله، ولم يجبرك أحد،(ليس هناك فينا من أجبرك على أن تدخل الدين عنوة، وأن تدخل الدين وإلا يُقطع رأسك، لا، هذه لا توجد لدينا) صحيح أن بعض الحركات الاسلامية، أقول بعض الحركات الاسلامية، يقول لك افعل هكذا وإلا (سيكون مصيرك جهنم) لا هذا خاطئ، ربي يقول «لست عليهم بمسيطر» «أن عليك إلا البلاغ» «لا إكراه في الدين» لكن عندما يختار الإنسان منهج الحياة واختار العقيدة التي ارتضاها لنفسه يبقى حرّا كامل الحرية بشرط ألا يعتدي على حرية غيره، لا تكن سببا في تحطيم حرية الثاني، الثاني هذا اذا كان في بلد آخر، أما أن كان في بلدك فإن حريته لن تصبح أكثر مثولا وحضورا.
لهذا معاشر الأحبة وأنا أتناول معكم في هذا اللقاء الكريم موضوع الاستبداد الذي يتنافى والدولة الحديثة، صحيح أن الدولة الحديثة تتعامل من حين إلى آخر بانتقائية ديمقراطية، تنتقي، ديموقراطية في أمريكا نعم، ديمقراطية في الصومال لا، ديمقراطية في فرنسا نعم، ديمقراطية في البوسنة والهرسك لا، ديمقراطية انتقائية، تنتقي، ديمقراطية بين البيض نعم، ديمقراطية بين البيض وللسود لا، هذه ديمقراطية انتقائية. القائلون بأن الديمقراطية قد ترسخت وتجدرت في بلاد أوروبا أو في بلاد أمريكا وكندا، تقول بأن هذه الديمقراطية لم تترسخ بعد، ما يزال أمامها مشوار طويل إذا لم يحصل أن وقف أمام هذه الديمقراطية بعض الحواجز. ويبدو أن تحول بعض البلدان نحو بناء دولة حديثة تعطي الحريات للأفراد والمواطنين يعود إلى بعض الأسباب منها: أن النظام الشيوعي أو الأيدولوجية الشيوعية انهارت، ماتزال بعض بقاياها هنا وهناك، لكن انهيار المعسكر الشيوعي ببلدانه وقومياته وايديولوجيته يعطي نفسا نحو التحول إلى نوع من الحريات للأفراد والمواطنين.
أيضا التجارب الاقتصادية المفلسة، هناك تجارب اقتصادية أفلست،(أعلنوا faillite ) هل هي أيضا تعمل على أن تدفع شعباً أو دولة ما نحو إعطاء جانب وهامش من الحريات؟ أيضا هناك ضغوط خارجية، صندوق النقد الدولي، النظام الدولي الجديد، بلدان قوية، تعمل على أن تدفع بلدا ما نحو إفساح المجال الحريات، هذا أيضا يدخل في هذا الاطار.
هذه المعاني وغيرها لا تشبه ما في الدولة الحديثة من خلال نظرة الإسلام إليها، الإسلام ينظر إلى الحرية ليس تكتيكا ولا بسبب ضغط خارجي، ولا بسبب ضغوطات اقتصادية واجتماعية أو سياسية في البلد، وإنما ينظر إلى الحرية على أنها حق من حقوق الناس، من يعمل بها يعتبر كمن يؤدي ركعتين لله، الذي يعمل في إطار منع الحريات، كمن يعمل على منع الناس من تأدية الصلاة، الذي يعمل على منع الناس من أن يعبروا عن آراءهم وأفكارهم وأيديولوجيتهم الذي يمنعهم من هذا، سياسيا أو إعلاميا أو حزبيا أو ثقافيا أو اجتماعيا، كمن يمنع الناس من تأدية ركن الحج أو تأدية ركن الصيام، لأن الإسلام يدعوك لكي تعمل على فتح المجال أمام هذه الحرية، وعدم إعطاء الحرية معناه الدكتاتورية. ولهذا يرفض الإسلام رفضا قاطعا وحاسما أن تكون هناك دكتاتورية.
     ذكر منذ قليل أخي عبد الرزاق مثالا، وأنا أُضيف إلى هذا المثال مثالا آخر: «جاء أعرابي، رجل دخل الإسلام حديثا إلى النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وقال يا محمد اعدل» (طبق العدل، لم تعطني حقي كبقية الناس) وتقدم إلى النبي وتقدم من صدره وشده شدة عنيفة إلى أن جرح عنقه الشريف، كان إلى جوار النبي عُمر، فما كان من عُمر إلا أن أشهر سيفه وقال له دعني أضرب عنق هذا المنافق، هذا أمام الناس، فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن قال له: «على رسلك يا عمر، وقال أن لصاحب الحق مقالا»(من يملك الحق يجب أن يتكلم، دعه يعبر على آراءه، دعه يتكلم كما يريد) مع أن هذا الأعرابي اعتدى على النبي صلى الله عليه وسلم وجرحه ومع ذلك قال له (دعه يتكلم) كدلالة أن الإسلام يريد من فتح الباب لموضوع حرية التعبير وحرية الرأي أن يضمن وحدة المجتمع وألا يكون هناك العمل السري الذي قد يصل في نهاية المطاف إلى معارضة سرية تؤدي إلى كثير من الممارسات التي يفقد المجتمع من خلالها توازنه أو سلطانه على نفسه، لهذا يجب أن يكون واضحا. هذا كلام أوجهه للحاضرين وليبلغ الشاهد الغائب، هذا الكلام يوجه إلى أشباه الديمقراطيين ويوجه لبعض العلمانيين، اللائكيين يعني، لأننا نعلم بأنهم لم يقرأوا الثقافة الاسلامية، وإذا ما قرأوها فإنما قرأوها على يد ماسونيو أو مارجليوت أو غورتزيه الألماني أو أرنولد توينبي أو على يد ماركس أو لينين، نحن نعرف هذا، ولهذا نحن نعذرهم، ولكن لا نعذرهم في أن يفرضوا آراءهم السمجة الساذجة التي لا قيمة لها تُفرض على شعب بكامله يقول ربي الله، هذه التي لا نقبلها، لأن الديمقراطية تقول لي بصريح العبارة أن من أراد أن يضغط على شعب برمته من خلال رأيه فهو يمثل قمة الدكتاتورية، والإسلام يرفض الدكتاتورية ولو جاءت باسمه، الإسلام يرفض الدكتاتورية ولو جاءت باسم الدين،(لو يقول أنا عندي الكتاب من عند ربي نزل حتى أحكمك إجبارا، أقول لك لا، لأن الإسلام لا يجب أن تكون مطيعا لإنسان يفرض عليك الدكتاتورية، أو لحزب يفرض عليك الدكتاتورية، أو لقطاع اجتماعي يفرض عليك الدكتاتورية باسم طبقة البروليتارية مثلا أو الطبقة الكادحة مثلا أو الأيديولوجية الاشتراكية أو الشيوعية مثلا أو العلمانية مثلا، لا تقبل إلا ما يكون بينك وبينه انسجام وبهذا تتكون القضية الجوهرية التي فقدت الدولة سلطانها عليه وهو الثقة، مشكلة الجزائر ما هي الآن؟ هي الثقة. المحكوم لا يثق بالدولة والدولة لا تثق بالمحكوم الأحزاب لا تثق بالدولة والدولة لا تثق بالأحزاب، وموضوع فقدان الثقة هو الحلقة المفرغة التي تغذيها بعض الاصابع الشريرة سواء في داخل البلاد أو خارجها بإثارة ما يحقق مشروعا كبيرا ومشروع اسرائيل كبرى في النهاية مشروع اسرائيل كبرى من النيل إلى الفرات.
أيها الأخوة ونحن نتكلم عن أهمية الحريات لابد وان نضع في الحسبان جمله من النقاط النقطة الاولى:
- لكي نعمق فهمنا للحرية، تقول لي عندي الحرية اقول لك ما هي صفاتها وما هي علاماتها؟ اذا كانت لديك حرية تقول لي عندي الحرية أن أفعل ما أريد يعني في عقول البسطاء السذج، البله، الغفل، يفعل ما يريد ما هو حشاكم وحاشى قدركم والملائكة المتواجدون هنا معنا، ان يشرب الخمر ويرتكب الفاحشة، يعري كما يريد يمشي كيفما يريد يبيع كما يريد يشتري كيفما يريد، ليس هناك ضابط بالنسبة للمسلمين الجزائريين أحكي على الجزائر المسلمة. نحن لدينا كلمة الحلال والحرام، الرومي ليس لديه هذه الكلمة، الحلال أو الحرام. اليهودي عنده الحلال وعنده الحرام، لما يركب الطائرة يطلب منه أن يحضر له الكاشير، ومنكم من يعرف الطائرة لما تطير من باريس إلى زيوريخ ولما تطير من زيوريخ إلى كندا مونتريال، اليهودي يسجل يطلب ما هو حلال، لكن الجزائري لما يركب في الطائرة يأكل كل ما أتيح له، لا يوجد لا حلال ولا حرام الأمام فقط، اليهودي لديه شخصيته، الرومي لما يصعد على متن الطائرة يشرب الخمر ولا يأكل الخنزير، «من جاء على أصله فلا سؤال عليه» لكن نحن ماهي شخصيتنا؟ حنا عندنا شخصيتنا المربوطة بهذا حلال وهذا حرام والحريات مقيده بهذا حلال وهذا حرام.
وليس في العالم كله حرية غير مقيده يكذب عليك كاذب سواء كأنت فلسفة سقراط أو افلاطون أو ديكارت برغسون او سارتر و هو الوجودية، عندهم ضوابط تشدهم، هل فيه ضابط يشده هو اقل ما يقال هو الضابط القومي قال أنا اوروبي وخلفيتي نصرانية صليبية مسيحية عندي شيء انطلق منه عندي référence عندي مرجعية، لكن لما نأتي عندنا نحن نجد بأن بعض الأحزاب تقول بأننا pas de référence ليس لدينا référence ما هو référence هو Paris لا يا اخي، أنا أقول لك (جغجغة (جرجرة) لوغاس (الأوراس)) سبحان الله ليس لدي لماذا أجلب référence من جهة أخرى وأنا كذلك عندي في بلادي مرجعية وعندي مرجعية تاريخيه الله يبارك وعندي مرجعية الثورة الجزائرية و الانتفاضات التي مرت،
 هذه كلها مرجعية ولدي مرجعية 30 سنة استقلال، هذه كلها أشطب عليها وابحث عن مرجعية un autre référence؟ يجب أن نتفاهم جيدا وانا اتكلم عن الجزائري غدا لما تذهب إلى باريس نجد ما نقوله لهم عندما نسال عن ديمقراطيته، ما هي ديمقراطيتكم؟ هل هي أن تقتلوا ثلاثة مليون شخص هل هذه ديمقراطية؟ حرقتم غاباتنا هل تقولون عن هذه ديموقراطية؟ لكن الرومي كان يحرق الغابة حتى يبقى هنا. العربي الذي يحرق الغابة قال بسم الله والله اكبر ويقتل اخاه بسم الله والله اكبر. هذه المشكلة التي نعانيها، فهمنا للدين ليس واضحا، فهمنا الديمقراطية ليس واضحا. يحتاج منا أن نصنع ونشكل عقليه تتناسب مع فهمنا لهذا الدين الذي أعطانا الحرية من أوسع أبوابها فما هي اذا معالم الحريات؟
في رايي-ولا ألزم به أحدا- حتى تكون هناك حرية لابد من إلغاء القيود على الحرية الحزبية annuler
إلغاء القيود على الحرية الحزبية وعلى الحرية الإعلامية، دع الصحفي يقول ما يريد، أرد أن تكوّن حزب كوّنه أنت حر. وتعرفون أنه في أمريكا يوجد حزبين فقط الجمهوريون والديمقراطيون.
المعلم الاساسي على أن هناك حرية هو الغاء القيود على الحرية الحزبية من أراد أن يقيم حزبا فليفعل ونضع له بعض الشروط: مثلا لا تحضر الديمقراطية لكي تكسر الديمقراطية ولا تأتي بالعدالة الاجتماعية حتى تكسر العدالة الاجتماعية لا تأتي بالإسلام حتى تقول لي اذا انضممت إلي تدخل الجنة واذا لم تنضم الي فإنك في جهنم، لا أبدا، لا تأتي بالوطنية و أنك وطني وأنا لست كذلك، لا يا أخي، أنت مسلم ديمقراطي ووطني تبارك الله لا تكسر دينك ولا تكسر ديمقراطيتك ولا تكسر وطنك واعطنا برنامجك
طرحت منذ قليل قلت البرنامج الذي طرح على الجزائر منذ سنة 1962 إلى اليوم هو البرنامج الاشتراكي، فلما علمنا يا ايها المسلمون يا ابناء الحركة الإسلامية ليس عندكم برنامج نقول: حتى وإن كان لدينا برنامج هل استطعنا أن نطبقه؟ ليس عندنا أين نطبقه. و حتى وإن أردت أن تطبقه في منزلك فلا تستطيع حيث أن التلفزيون يذيع فيلم ميكي فيأخذ مني ابني وقد يذيع هذا التلفزيون فيلم cow-boy فيأخذ منا شخصا بالغا، وقد يضع فيلم للمتقاعدين ليأخذ مني أبي أي أنني حتى في منزلي لا استطيع أن أطبق الديمقراطية، لا أستطيع أن أكون حرا حتى مع اولادي، وهذا الشيء مجرب وجربوه أن شئتم، التلفزيون في بيوتكم اذا جاء فيلم ميكي هرب عليك اولادك واذا جاء فيلم cow-boy أو فيلم من نوع 007 يبدأ أصحاب عمر 15 و16 حتى سنة 31 سنة يجلسون إلى التلفاز ولما ينتهي يذهبون بعيدا عن التلفاز. الديمقراطية دخلت إلى منزلك وأخذت منك أهلك وأولادك أخذت منك الكبير والشيخ والصغير والكهل، بطرق تفننت فيها هوليود وما شبهها.
نحن نتكلم الآن عن موضوع هذه الحريات التي من المفروض أن يكون صاحب حركة سياسية ما، حرا في أن يبدي رأيه بشرط أن لا يتجاوز هذا الحد. بهذا الشكل تعتبر دولة حديثة، الدولة المتوحشة هي التي تمنع الناس من صناعة الأحزاب، والدولة المتوحشة هي التي تسمح للأحزاب من أن تقول ما تشاء وتفعل ما تشاء وتمارس ما تشاء هذا متوحش وذلك متوحش.
 الدولة الحديثة تتركك تقول ما تشاء لبناء دولتك وحماية شعبك وتحضير وطنك. ذكرت المثال ها هي الآن بين ميتيرو وجماعة الديغوليين هناك منافسة سياسية، متنافسون سياسيا لكن لما تسال متيرو وهو اشتراكي تقول له ما هو غرضك؟ يقول لك غرضي وهدفي هو حماية الدولة الفرنسية. تقول له يا جيراك ما هو غرضك؟ يقول لك غرضي هو حمايه الدولة الفرنسية.
 جيراك في برنامجه الكرسي الفرانكفوني، ميتيرو في برنامجه حماية الكرسي الفرانكوفوني، لا يتنازعان في قضية الهوية الفرنسية، بل يكمل بعضهم البعض في حماية الهوية الفرنسية أو الهوية الأمريكية أو الهوية الإنجليزية وما إلى ذلك خلال تعدد البرامج.
 الدولة الحديثة هي التي تسمح للأحزاب بالظهور وتعطيهم فرصة اعطاء البرامج. وبصراحة، ظهرت أحزاب في الجزائر، حزب مجهري لا برنامج لا اشخاص لا اتباع لا مؤتمر لا رجال لا وطن لا دين لا خلق، حزب وكفى، يأكل وفقط، حزب آخر يظهر وكأنه يعمل على أن تبقى دار لقمان على حالها منذ بدأنا سنة 1962 البعض يرى بأننا نبقى على تلك الحالة، لا تبديل ولا تغيير، وحزب آخر يريد أن يقلب الجزائر بين عشية وضحاها من إلى أو من من إلى إلى إلى من. فلابد أن نكون واضحين ماذا نريد ببرامجنا ليس معناه أننا نستهزئ بالأحزاب، حاشا ما عاذ الله أنا ممن يقدر الأحزاب، وأنا ممن عُذبت في سبيل أن تكون في الجزائر أحزاب حتى تكون لكن لا نريد لهذه الاحزاب أن تصل إلى مستوى الخط الاحمر الذي تراق فيه دماء الجزائريين، نحن جميعا مسلمون واشكره الدكتور عبد الرزاق منذ قليل نحن كلنا نقول لا اله الا الله محمد رسول الله، لا يعني أنه اذا لم تكن معي في حركة المجتمع يعني انك سوف تذهب إلى جهنم وانا سوف أذهب إلى الجنة لا أحد لديه autorisation d'entrée للجنة لا أحد لديه هذا الترخيص لا يوجد شخص يقول بأنني سوف أذهب إلى الجنة لا يوجد والذي يقول لك انا سوف أذهب إلى الجنة فيجب أن تقول له كذاب.
نعمل حتى نحمي بلادنا ونحضر لها برنامج يحمي حرياتهم في اطار الأخوة، وكل شخص يعبر كما يشاء.
 انا كنت في بلاد أوروبية التقيت ببعض الأحزاب الأجنبية، هذا حزب يمثل كذا وهذا حزب يمثل كذا، يجلسون مع بعضهم يتبادلون الحديث يشربون شرابهم أو يأكلون خنزيرهم اكرمك الله وبعد ذلك ينصرفون إلى عملهم متحابين في ما بينهم، هؤلاء لديهم خصائصهم اذن كيف يأتي مسؤول جزائري طامع في أن يصبح رئيسا هذا البلاد، وعندما يصعد إلى الطائرة في رمضان يأكل رمضانه ولا يأكل رمضان فقط بل يشرب الخمر مع الأكل ايضا. وهذا ليس عاديا، اذا كنت تحب بلدك وطنك وتحب شعبك يجب أن تحترم هذا الشعب وتحترم تقاليده وأخلاقه وقيمه.
تكلمت في عيد الفطر الماضي مع المجلس الأعلى للدولة وقد سمعتم أنه لا أحد فيهم ذهب ليصلي صلاة العيد، قلت لهم: عيب عليكم يا ناس هذه سنة قبيحة التي تقول بأن لا مسؤول في هذه البلاد يذهب ليصلي صلاة العيد. المفروض يذهب ليصلي صلاة العيد، لكن لا يصلي ويأتي c'est pas normal هذا ليس عاديا يجب أن نحترم مجتمعنا وهذه هي الحرية أنني أحترم حرية الآخرين ولا أعتدي عليهم، فاذا رفع أو الغاء القيود عن الحرية الحزبية هذه نقطه أساسية
- النقطة الثانية: كمعلم بأن هناك حرية، هي ضرورة إجراء انتخابات نخرج من دائرة، عين وأنت رئيس وأنت مدير وأنت رئيس مصلحة نحولها بطريقة حضارية إلى مستوى لا يكون هناك تعيين وانما يكون هناك الامة هي التي تختار لنفسها البرنامج وتختار لنفسها الاشخاص. اذا وصل الشعب هو الذي يختار البرنامج من غير اكراه ومن غير تزوير ومن غير غوغائية ومن غير ديماغوجية، دعوه هو الذي يختار حرا حتى يقول أنه راض على هذه المسألة ويضع ورقته أو يقول صوته ولكن من غير اكراه من غير اغراءات كما تقوم بها بعض الأحزاب في بعض الدول الأوروبية، نقول بأننا استطعنا أن نتقدم خطوة نحو بناء دولة حديثة.
- النقطة الثالثة: وهي ضرورة تكافؤ الفرص بين البرامج والمبرمجين يعني لا تكون هناك محاباة أي لا نقدم أحدا على آخر بناء على مناصبهم سواء كان في مؤسسات صناعية أو مؤسسات تجارية أو مؤسسه استثمارية أو إعلامية أو عسكريّة أو امنية، وهذا يصبح غير سليم.
 نضرب مثالا بالمرأة التي سرقت في عهد الرسول فبعثت جماعةٌ بحب رسول الله الذي هو أسامة بن زيد وطلبوا منه بما أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحبه أن يسامح تلك المرأة على سرقتها فذهب أسامة إلى الرسول وقال له يا رسول الله إن تلك المرأة قد سرقت فاعف عنها ولا تقطع يدها، فغضب النبي محمد حتى احمرت حدقتاه وقال له يا أسامة اتشفع في حد من حدود الله، يمكن أن تشفع في أمر آخر لكن هذا حد من حدود الله. فعلم أسامة أنه تجاوز الخط الأحمر وتراجع.
 نحن كذلك يجب أن يكون لدينا هذا الحد. الآن في التلفزيون الجزائري في أيام عبادة رحمه الله يضعون لنا الاذان الذي يسمعه كل الشعب الجزائري، فيأتي شخص آخر فيقول أن هذا الاذان ينفع الا لجهة معينه لكن الجهات الأخرى لا يصلح لها، لذلك اوقف الآذان من التلفزيون، لماذا توقف الاذان من التلفزيون؟ هل يعني هذا أن الشعب الجزائري لا يعلم متى يصلي ام ماذا؟ دعني أسمع كلمة الله أكبر في بيتي والذي تسمعها أمي وتسمعها زوجتي وتسمعها ابنتي...،الخ، لكن هذا من باب أن الانسان عندما يكون في مسؤولية يتحكم فيها ولا يسمح لغيره بان يتناولها، هذه جملة من المعالم في بناء الدولة الحديثة، لكن يأتي شخص ليقول لي ويسألني، هذه المعالم سبق وأن عرفناها، لكن أريد الاجراءات عملية وحبذا لو تخبرنا يا شيخ نحناح كيف ترون هذه الدولة الحديثة l'État moderne البعض يتصورون أن الدولة الحديثة أو الدولة الاسلامية l'État islamique هي عبارة عن لحية طويلة، وهذه حقيقه، أجلس على الأرض، هذا مكبر الصوت لا يجوز، الكهرباء لا تجوز، المسجل لا يجوز، الكاميرا، لا تجوز، النظارات لا تجوز، السيارة لا تجوز، الطائرة لا تجوز، اذا ماذا يجوز؟ هو فقط من يجوز؟ وهذا ليس طبيعي يا ناس، سبحان الله لابد أن نعلم بأن الدولة الحديثة l’état modernes النبي محمد عليه الصلاة والسلام الذي هو نبينا جميعا للعرب والقبائل والامازيغ والسود والبيض وامريكا هذا الرسول وضع لنا خطوط عريضة قال لنا عندما نذهب لبناء دولة والله هو الذي قال له كلمة واحدة وهي و«أمرهم شورى بينهم» لا تتخذ اي قرار خطير على مصير شعب إلا بعد الديمقراطية بلغتنا نحن "شورى" أردتم أن تحدثوا ثورة زراعية ثورة ثقافية، ارجع إلى الشعب يعني قم بتقديم صندوق، لكن القرآن ليس فيه صندوق انتخاب، أنتخب بنعم أو لا، لا يوجد هذا لكن يوجد هو أمرهم شورى بينهم، ويقول (وشاورهم في الامر» وعندما تتشاور يعني أنك قد أعطيته قيمة أي فرصة لكي يعبر عن رأيه بكل حرية قدم لي رايك ماذا تملك وهذا امر يستوي في الاسلام، يستوي الرجل والمرأة أيضا الرجل والمرأة على قدم المساواة في موضوع الشورى ولهذا للمرأة اتكلم عليها الآن في الاسلام وفي الدولة الحديثة دور سياسي كبير وكبير جدا هذا لابد أن يفهم للمرأة دور كبير في المجال الاقتصادي والمجال الاجتماعي والمجال التربوي وأيضا في المجال السياسي يأتي شخص ما ويقول ما دخل المرأة في مجال العمل السياسي، وان الرجال لم يقدروا على هذا، وهذا كلام معروف عندنا، بمعنى أنه ينظر إلى المرأة نظرة استصغار واحتقار، ولا تستطيع أن يكون لديها رأي، أقول لك، لا و بأنه في صلح الحديبية، التي كأنت ستراق فيها الدماء لولا الله وتدخل امرأة وحلها لمشكلة سياسية بين الرسول صلى الله عليه وسلم والمشركين، ثم بين الرسول والصحابة، كأنت ستقوم بين الرسول والصحابة الذين كانوا يطلبون من الرسول ألا يقيم مشكلة مع المشركين بل يجب أن يقتلوهم، المشركين طبعا، ولا أقولل الجزائريين الذين هم اخوة في ما بينهم، تدخلت امرأة وانقذت الموقف وقالت يا رسول الله افعل كذا وافعل كذا، فاستمع إليها واستجاب لها ونفذ لها مقترحها فكان بتنفيذ مقترحها حقن دماء للوصول إلى فتح مكة بعد سنة أو سنتين بسبب أخذه لراي امرأة. لذلك فانا اقول أن الدولة الحديثة لابد أن يكون للمرأة حقوقها السياسية. الدولة الحديثة التي نتكلم عنها معاشر الأحبة تفتح باب عريضا للمعارضة، و المعارضة نوعان؛ معارضة ايجابية بناءه ومعارضة سلبية هدامة، اخترنا المعارضة الايجابية، التي تنطلق من الحديث الشريف «نقول لمحسن أحسنت عندما يحسن ونقول للمسيء أسأت عندما يسيء» ولا يضرنا في هذا أن نقول لكل طرف انك أخطأت هنا أحسنت هنا وأجد هنا وأسأت هنا. لماذا؟ لأننا نريد أن نبني عقلية جزائرية متأصلة متفتحة على علوم الحاضر واكتشافات المستقبل، لكن انطلاقا من ذاتيتنا، من كياننا الذي لا نريد أن ننسلخ عنه ولو قطعنا إلى ذلك اكباد الإبل، فاذا المعارضة طبعا المعارضة التي تصل إلى رفض رأي الثاني نرفضها، المعارضة التي تنهى عن المعروف ولا تنهى عن المنكر نرفضها، المعارضة التي لا تعرف سلم الاولويات les priorités الآن لدينا مشكلة في الجزائر مشكلة سميناها جميعا باتفاق الجميع مشكلة لا شرعية، أزمة اللاشرعية. كيف نحل مشكلة الشرعية؟ هل نحل مشكلة الشرعية الان عن طريق ما سمته بعض الأحزاب اقتسام السلطة أو اخذ السلطة بكاملها؟ أم اننا نعمل بأساليب تشاركية تفاوضية تحاورية تصالحية من أجل الوصول إلى شاطئ الامان لكي نرسخ معنى حمايه الوحدة الوطنية معنى حماية المشروع الاسلامي معنى حماية الوحدة الوطنية، والمشروع الإسلامي والوطني في أن واحد. نحن اخترنا ولما نقول اخترنا لا نلزم به أحدا اي انني لا افرضه على احد، ولا نعجز نعترف بذلك فقد قال الله تعالى:«لا نكلف نفسا إلا وسعها» ممكن نعمل على اقناع الاخرين، نقنعهم بالحق وليس بالباطل. بهذه الطريقة يمكن أن نصوغ عقليات جديدة.
 المعارضة لها ثلاثة شروط في الدولة الحديثة، حتى تستطيع أن تبني دولة كلينتون حتى يقوم بدوله جديدة قام بحملة مع من كان قبله جورج بوش حمله انتخابية تبارك الله، لكن في النهاية جورج بوش سلام على صديقه كلينتون و بارك له وقال انك انتصرت وانا في خدمه الدولة الأمريكية، نتمنى أن تكون قد فهمتموني وعندما خسر ليس معناه أن يجلس ضد من ربح الانتخابات وليس معناه انه عندما ربح الانتخابات يذهب إلى الذي خسر ويذبحه. الذي يربح يكون في خدمه الاخرين والذي يخسر يكون في خدمتهم ايضا وطبعا، يبقى على برنامجه السياسي ليمضي كما يشاء فاذا مساله الشرط الاول في المعارضة هو تجنب إراقة الدماء. وأنا اتكلم عن دولة حديثة سواء في بلادنا أو في دولة أخرى في بلادنا يصبح الأمر اعظم لان في بلادنا اراقة الدم من أعظم الذنوب الشرك بالله تعالى. الذنب العظيم عند الله هو الشرك وبعده قتل النفس يقول القران الكريم «ومن يقتل مؤمنا متعمدا» ولا اتكلم عن القتل غير المتعمد كأن يدهسه بسيارة أو اذهب لقطع غصن الزيتون فيقع اخوه من على الشجرة ويموت أو يكون قد ذهب ليصيد ببندقيته فتصيب الرصاصة ذلك الشخص. بل اتحادث عن القتل العمدي بسبق الاصرار والترصد «من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما» المعارضة فلتعارض برنامجك ليس جيدا أما برنامجي فجيد هل تقبله ام لا عندما لا يقبله يقتله، لا، هذه ليست دولة حديثة وأنا الآن أوضح عمدا لأن هذا كلام مسؤول اتقابل به في الدنيا والأخرة حتى نبئ ذمتنا مع اي طرف كان هذه واحده حقن الدماء لاحق في المعارضة في اراقه الدماء الامر الثاني لا حق للمعارضة في اثاره الفتنه واسمحوا لي أن اتكلم الفت نهد الفتلة أو الفتنه الجهوية أو الفتنه العروشية الذي يشعل هذه الفتنه قد وصل إلى الخط الاحمر والله يقول الفتنه اشد من القتل الشرط الثالث هو الابتعاد عن المزايدات اريد أن انجح اذا يجب أن اكسر صديقي كيف اكسره اثير حوله الشبهات وكثير من الافتراءات اي كذب عليه وقد حدث هذا من قبل عندما قالوا الشيخ نحناح ذهب هو وزوجته لتمضيه حفله راس السنة في باريس لكن هذا لم يحدث على الاقل قولوا انه ذهب وحده لكن أن اخذ معي زوجتي لكي امضي حفله راس السنة فهذا لم يحدث اطلاقا قد اخذها إلى صنوبر الشريعة لكن أن نذهب إلى باريس لا يعقل هذه المزايدات سبحان الله تمسك في عرضك وتمسك في زوجتك في دينك وفي عقيلتك ولهذا لا كان يقال عن شخص ملحد ويطلب من الاخرين أن لا يبقوا معه قال لا تجلس مع هذا الملحد لا لا تجعله كافرا مجتمعنا من خلال المذهب المالكي الذي لدينا لا يكفر احدا قال لا اله الا الله محمد رسول الله لديه بعض الغلطات لا باس لديه بعض الذنوب لا باس لديه صغائر لديه كبائر لكنه ليس كافرا نحن لا نكفر احدا لذلك في المزايدات المرفوضة وقد اعجبني ذلك القانون الذي جاء به غزالي والذي يقول ويقضي بمعاقبه الكاذب لكن كيف يأتي بقانون لمعاقبه الكاذب وهو ايضا كاذب هذا لن يحدث لذلك نتمنى أن نفهم ما هو شروط المعارضة السياسية الحزبية بل اقول لكم و الدولة الحديثة يجب عليها اذا كأنت حادثه بالفعل أن تفتح باب للمعارضة لا تكمم الافواه ولا تقطع الارزاق أو الالسن تقول لهم عارضوا ولهذا كان عمر رضي الله عنه يقول رحم الله امرئا اهدى الي عيوبي كان يبحث عن المعارضة لما يقول لك الدين النصيحة يعني ووجود المعارضة، النصيحة يعني أنك عندما ترى في أخيك عيبا تخبره بأن لديه عيبا لم تراه في نفسك عليك أن تصلحه، هذا نوع من المعارضة المهذبة فمن جهة معارضه تبني بها مجتمع société ومن جهه معارضه تكسب بها اجر يوم القيامة حتى عندما تعارض بان تقول كلمه حق لديك عليها اجر ولهذا في العمل السياسي الذي نتكلم عليه هو العمل السياسي الذي يعتمد على اصول اسلاميه نبتغي من وراءها الاجر ولا زلت اتكلم عن الدولة الحديثة في كلمات مختصره وانا على وشك الانتهاء، أن شاء الله الدولة الحديثة يفترض فيها أن تفتح المجال لأصحاب الحقوق لغير المسلمين لغير المسلمين، هذه نقطه اساسيه يجب علينا أن نعرفها الدولة فيها المسلم وفيها اليهودي وفيها النصراني وفيها المجوس يعبد النار هذه الدولة الحديثة هل تقتل ذلك اليهودي أو تقتل ذلك النصراني أو المجوسي تتركه جانبا وتقول له ليس لك حق؟ أم تستفيد من طاقته؟، ثلاثة أسئلة الجواب الدولة الحديثة تستفيد من كل طاقات المجتمع حتى وان كأنت تلك الطاقة تمثل الأقلية الدينية ولهذا في تاريخ الاسلام الاستعانة عمر بن العاص بكاتب عام حساب احصائي كان يهوديا وهو الذي كان يحسب له ولم يرى عمر بن الخطاب أو عمر بن العاص ايه مشكله في وجود كاتب على مسؤوليه كبرى يهودي حتى ندرك أن اسلامنا لا يمنعنا بان نتعامل مع الاقليات الدينية ونحن لا نملك أقلية دينية وهذا جيد، ممكن لدينا من ورثناهم من زمان وربما هناك بعض المشاكل وليس هذا موضوع حديثنا التي هي الدعوة إلى التنصير في بلادنا من أجل تكوين مجتمع نصراني صليبي على مدى 50 سنة وليس عام أو عامين أو ثلاثة اعوام لا 50 سنة نحن نذكر كيف نقتل بعضنا البعض والاخر يفكر كيف يأخذ منك بلادك ودولتك ووطنك بعد 50 سنة فلك القرار ما الذي تنوي فعله هذا هو الفرق بيننا وبين الاخرين يخططون بمكر وننفذ تخطيطهم بغباء للأسف الشديد فالدولة الحديثة توفر كامل الحقوق لغير المسلمين غير المسلم عنده حقوق كامله جاءني وفد امريكي إلى مكتبي في العاصمة قلت لهم كيف استطعتم في دولتكم الأمريكية أن يجتمع تحت مظلتها القارية قاره امريكا ديانات وقوميات ولغات واجناس من غير أن يقع هناك بينكم اي مشاكل فقال انها الديمقراطية فقلت له أن اسلامنا علمنا من أن يكون تحت مظلته القوميات واللغات والاجناس والمذاهب والسلالات من باب التكامل في صناعه المجتمع وليس من باب التآكل في تفتيت المجتمع قلت له أن بقيتم على هذا فأنتم تطبقون الاسلام ولم تقولوا لا اله الا الله محمد رسول الله، وهذا الكلام قلته لأمريكا كيف لا نستطيع نحن أن نعيش ونتعايش مع بعضنا البعض ونجد فينا من يغذي الصراع المذهبي لدرجه اننا اصبحنا متصارعين حتى داخل المسجد الواحد إلى اين نحن ذاهبون هذا اخوك فاذا الاسلام ونظرته إلى الدولة الحديثة هو انه يوفر شروط وحقوقا سياسية لغير المسلمين وهذا سيقودني إلى أن اذكر نوع آخر يسمي نفسه le laïcité اللائكيين السؤال أجيب عليه اللائكيين، في بلادنا أنواع هناك لائكي يكفر بالدين أصلا وفصلا، هناك لائكي يقول لا الإسلام موجود لا إله الا الله محمد رسول الله، لكنني اترك الإسلام عن السياسة يقول فصل الدين عن الدولة، وهذه هي نظره لائكين الذين لدينا وهناك لائكي يقول الاسلام نعم الصلاة والصيام والزكاة والحج فقط يعني أركان الاسلام الخمسة والباقي، الاسلام ليس له اي علاقة لا بالاقتصاد ولا بالسياسة ولا بالتربية ولا بالثقافة ولا بالعلاقات الداخلية أو العلاقات الخارجية لا حربا ولا سلما. فأنواع من اللائكيين في بلادنا بعض الأحزاب وبعد الشخصيات الحزبية والحمد لله انا من خلال علاقاتنا مع الاحزاب وجدت بعض الاحزاب تنادي باللائكية يقولون نحن laïque لا نقبل الاسلام لكن بمرور الأيام توضح لهم من خلال المخالطة المعاشرة، كلمناهم وتكلموا معنا فعرفوا حقيقة الاسلام فتراجع عن هذه الفكرة وقالوا لقد كنا مخطئين وقد كأنت لدينا ثقافه اخرى ولم يكن لدينا علم بالموضوع في المعاملات والممارسات التي لدى الاسلاميين جعلتنا نخاف من هذا الفكر ثم هل تعرفون عمي سليمان رحمه الله كان رجلا فحل ولدينا شاهد هنا الدكتور عبد الحميد رآه بعينه. كان يقول فهموني في هذا الدين ما هو لأنني ارى أنه عند البعض الآخر ليس هذا نفسه. لكننا فقدناه في اليوم الثاني رحمه الله وحتى تكون لديكم صوره عن الموضوع ولا تقولوا أن هذا الذي يقرا بالفرنسية أنه كافر ولائكي، والذي لا يعرف العربية كافر، لا، هذا كلام غير صحيح والله تجد لديه إيمان لا تجده عند اخر انا اجد الكثير من الناس من قرا القران والعربية والكتب لكنه كافر رقم واحد.
 فاذا يا اخواننا يجب أن نعرف بان الدولة الحديثة تستفيد من كل الطاقات كل اطارات كل اطار لديه قدره لكي يفيد الدولة يجب أن تقول له هات ما عندك طبق ما عندك. الدولة تحتاج إلى علمك، الدولة تحتاج إلى مقترحاتك وارائك أما الذي يمنع فلا الدولة الحديثة ايها الأخوة لابد لها من امر مهم جدا ونؤكد ما ذهب اليه الاخ حسين ايت احمد انا اؤكد كلامه عندما قال أنه يجب أن تكون هيئة مراقبة. الدولة الحديثة، التي هي بحق دولة متطورة يجب أن تكون فيها جماعة يراقبون سيرها. هل هي تمشي في نفس البرنامج المتفق عليه ام في برنامج آخر؟ لابد من وجود جهة تراقب وتلاحظ الاخطاء وتسدد الآراء، لماذا؟ حتى لا ينفرد رئيس حزب برأيه ولا ينفرد حزب لمقترحاته، أو تفكيره ولا تنفرد طبقة معينة، طبقة كادحة أو طبقة برجوازية أو طبقة مثقفة تتفرد برأيها، لأن الاستفراد بالراي هو عين الديكتاتورية، لما تقول بأن رأيك الصواب ورأي الآخر خاطئ فهذه تعني دكتاتورية، ونحن نرفض الديكتاتورية، ولكي لا تكون ديكتاتوريه لابد من وجود هيئة مراقبة، هذه الهيئة، هي التي سوف أتكلم عليها، الآن أولا المراقبة، تراقب الأفراد لان الدولة الحديثة تعطي الحرية للفرد وتعطي الحرية للدولة وتعطي الحرية للشعب وتعطي الحرية للامه بأكملها، هذه الحريات يجب أن تكون لها هيئة تراقبها وهذه الهيئة تكون بمنأى وبعيدة عن تأثير أي جهة، وأنهي هذه النقاط على عجل أن شاء الله اقول لكي تكون الدولة بأتم معنى الكلمة، لابد وأن تعتمد على ما يلي: الدولة اذا اعتمدت على مؤسسة واحده يجب أن نقول له الدولة الحديثة يجب أن تكون فيها ثلاثة هيئات، في إسلامنا أصول في هذا الموضوع لابد من وجود هيئه تشريعية، و يجب أن تكون هناك هيئة قضائية، وعدم وجود الهيئة التشريعية أو الهيئة القضائية، هذا سيدمر البلد ويعيش دون قانون.
 الهيئة التشريعية تسن القوانين ومشكلتنا في الجزائر نعرفها هي مشكله عدم وجود هيئة تشريعية، وضع المجلس الاستشاري المقطوع عن المجلس الأعلى والمقطوع عن الشعب، لم يصعد عن طريق الانتخاب وجاء من جهة أعلى فحدث له كالسندويش، الشعب تحته والدولة فوقه ولم يجد للوضع حلا، استطاع أن يفعل شيئا واحدا فقط عندما جاء وهي أنه ألغى قانون تعريب الادارة وجمده، وهنا نعرف الرواية لكن القلب ليس صافيا، فلابد إذن من وجود هيئة تشريعية مزكاة من طرف الشعب، وهيئة قضائية، ولابد من وجود هيئة تنفيذية التي هي الوزراء، مجالس الوزراء، رئيس مجلس الجمهورية، لابد من وجود قوة الأمن، وقد سمعت من قبل بعض الناس أننا حين نطبق الاسلام لن نضع ضمن دولتنا شرطة وجيش عسكري، وذلك ظنا منهم أنه بمجيء نظام إسلامي سيصبح كل شيء على ما يرام ويتوب السارقون فلا يسرقون مجددا، وهذا ليس صوابا فكيف يعقل أن تؤسس بلادا دون شرطة!؟ فها هي الآن الدولة الجزائرية فقدت توازنها وأصبحت كأنها هباء منثورا، والآن هي دولة ضعيفة كما يقول جون جاك روسو، ألن يكون لديها رجالها وقضاؤها وتشريعها وقوانينها ومراسيمها وجيشها؟ كيف ذلك؟ هذا لا يمكن سواء في بلد اشتراكي أو سماوي أو ترابي، بحري، ناري، لابد له من وجود جهة معيّنة تحمي ذلك البرنامج حتى وإن كان ذلك البرنامج خاطئا 100٪ هذا لابد أن يكون واضحا في الدولة الحديثة يجب أن يكون لها من هيئة تشريعية، ولابد لها من هيئة تنفيذية، ولابد لها من هيئة قضائية، والدولة بهذا المعنى ايها الإخوة تعتمد على مبدأ، وتعلمون أن معظم الدول مثل أمريكا وبريطانيا وايطاليا والسويد هذه بلدان مستقرة ولديهم حريات والى اخره، واليابان بلد مستقر رغم أن فيه بعض المشاكل وفيه بعض العنف لكن فيه استقرار للوصول إلى موضوع التداول على السلطة تذهب مجموعه لتاتي اخرى عه طريق الانتخاب تحل محلها وتأخذ السلطة، طيب كل قانون يمر بالمجلس التشريعي و يمر على المجلس التنفيذي على الوزراء ويوافقون عليه ثم يمر على القضاء حتى يحموا القانون نحن بالنسبة الينا لما نقول نقوم بدولة حديثة، هل يجب أن نبقي على هذه الهيئات الثلاث، ام يجب أن نبقي على بعض منها فقط؟ الجواب لابد دو وأن تبقى هذه الهيئات الثلاث وتنضاف اليها هيئة أخرى لديها علاقة مع مجلس الوزراء الهيئة التنفيذية ولديها علاقة مع الهيئة التشريعية ولديها علاقه مع السلطة التنفيذية، ما هي هذه الهيئة؟ نسمي هذه الهيئة اذا اردتم: هيئة الاجتهاد، وأنتم تعلمون أيها الإخوة أن الدنيا السياسية حاليا على غير ما كأنت عليه في القرن الهجري الأول والثاني والثالث والرابع، وعلى غير ما كأنت عليه في القرن الماضي، وعلى غير ما كأنت عليه الجزائر في الخمسين والستين، وعلى غير ما كأنت عليه في الثمانين. الجزائر الآن تحكمها الكثير من التوازنات المحلية والدولية، لابد من وجود في هذه الحالة عناصر من ذوي الاختصاص ومن ذوي الاجتهاد، يجتهدون في المستجدات، يعني جاء صندوق النقد الدولي؛ يأتي المجتهدون يقدمونها للتشريع والتشريع يقدمها للتنفيذ ويبدا بالتفعيل. أما التشريع دون أن يكون لديه خلفية، فذلك الأمر حلال ام حرام لا يمكن، فلا بد من وجود الاجتهاد والاسلام هو أول دين وآخر دين فتح باب الاجتهاد على مصراعيه بجملة من الضوابط والمعالم، ومن أصول الاجتهاد في الاسلام لا ضروري ولا ضرار وهذه قاعدة كل شيء فيه ضرر للفرد أو للدولة، للمجتمع، للوطن؛ غير مقبول أن يشرع فيه أو يسن فيه قاعده ، فيه مصلحة صغرى ومصلحة كبرى، الإسلام يقول لنا ضحي بالمصلحة الصغرى في سبيل تحقيق المصلحة الكبرى، إذا حدثت لديك مفسدة صغرى وأخرى كبرى، المجتهد هو الذي يحدد ما هي المفسدة الصغرى وما هي المفسدة الكبرى، ويزنها بميزان العقل كما يقول ابن تيمية و ثنى عليه ابن حزم الاندلسي يقول أن «العقل هو مناط التكليف» لابد من استعمال العقل، هذا العقل لا يجب الغائه ولكن، نحن بعض الاوقات نلغي العقل وهذا ليس سويا، يجب أن نعمل عقلنا في كل المستجدات ولننظر أي الآراء أصلح. لديك مصلحة ولديك مفسدة، يأتي المجتهدون ليقرروا أيدفعون بالمفسدة أم يجلبون المصلحة، اذا جاءت المصلحة ما هي فوائدها؟ اذا دفعنا المفسدة، ما هي سلبياتها؟ وما هي ايجابياتها؟ وهنا تأتي قواعد أخرى تفصلها هذه القاعدة التي تقول «درئ المفاسد مقدم على جلب المصالح» نضرب مثالا عليها: هناك مصلحة في الوصول إلى الحكم تقابلها مفسدة سقوط الدولة وتمزيق المجتمع، في هذه الحالة من يجتهد ليحدد أنذهب إلى المصلحة لنحصل عليها أم نذهب للمفسدة لنذرئها ونردها، هنا يأتي المجتهدون ليقولوا- وأنأ أحد هؤلاء ولا أدعي علما- أقول «درئ المفاسد مقدم على جلب المصالح» البلاد معرضة للخطر الدولة الجزائرية كدولة، لا أتكلم عن حكومة عبد السلام أو رضا مالك أو حمروش أو غزالي الذي قبله، أو الذي سيأتي بعد عشرين سنة، عنده برنامج يريد أن يمشي به، لكن الدولة كدولة هيكل لديها مقعد في الأمم المتحدة مقعد في الجامعة العربية، مقعد في منظمة المؤتمر الاسلامي، مقعد في منظمة الوحدة الافريقية، إما أن أكسر كل هذه الدولة وآتي بشيء جديد من الصفر، وإما أن أحافظ على هذا الكيان الذي اسمه "الدولة" وأبدأ في وضع برامجي أنا أو بقية الأحزاب، سواء كأنت يمين أو يسار أو وسط، سمها ما شئت، كل حزب وضع برنامجه والشعب لديه حرية التمييز، ونحن نفضل أن الشعب لا يبق منتظرا حتى تأتيه الملعقة لفمه، لا، الشعب يجب أن يفكر جيدا في مصلحته ويفكر في الفساد الذي هو فيه الآن، وتعرفون أيها الإخوة أن مسألة الفساد ربما شخص فيكم يستصغر المسألة، أعظم فساد هو إراقة الدماء بعد الشرك، تقول لي وما هو الدليل، فأقول لك، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل امرئ مسلم» تزول كل الدنيا بكل ما فيها ولا يموت انسان مسلم، وحديث آخر يرويه الإمام أحمد يقول فيه الرسول عليه الصلاة والسلام:« أبى الله أن يجعل لقاتل مؤمن توبة، قالها ثلاثا» كدلالة على حرمة النفس، النفس لديها حرمة وقيمة عند الله تعالى، ولهذا قال القرآن الكريم: «ومن قتل نفسا بغير حق أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا» في هذه المسألة بسيطة، في هذه مفسدة وفي هذه مصلحة والناس الآن يفكرون في اقتسام هذه المصلحة، الدولة الحديثة دولة وحدة، الدولة الحديثة دولة علم، الدولة الحديثة دولة مؤسسات، الدولة الحديثة دولة حريات للأحزاب، الدولة الحديثة دولة معارضة إيجابية، الدولة الحديثة دولة الاستفادة من جميع الطاقات ولو من غير المسلمين، الدولة الحديثة هي الدولة التي تستفيد من طاقة المرأة وإعطائها الحقوق السياسية كاملة غير منقوصة، إذا كأنت الدولة الحديثة بهذا الفهم، فهي إلى الإسلام أقرب، وهذه دولتنا وهذه حركتنا التي من أجلها نكافح ونناضل وندعو ونعمل ونتحرك إلى أن يقيد الله تبارك وتعالى إلى بلادنا وجزائرنا من يقوم بسد ثغراتها وحل أزماتها.
أشكركم معاشر الحضور والحاضرات، وأشكر الإخوة من رجال الإعلام والصحافة ومن رجال الأحزاب ومن الإخوة المثقفين والتجار والأئمة والعاملين في السياسة، أشكرهم شكرا جزيلا على أننا أتعبناهم في هذا اليوم الثقيل لكن أملي كبير في أن يفهم إخواني ما لم أستطع أن أعبر عنه بعباراتي الضعيفة، وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وشكرا لكم.

تعليقات

محتوى المقال