![]() |
المقاربة التواصلية |
مقدمة
يعتبر التواصل من اهم الميزات التي تطبع حياه الانسان منذ القديم، فقد ذاب هذا الاخير على محاولات جم للتواصل مع غيره بطرق شتى مثل اللغة وهي اهم وسيله للتواصل والرسم والموسيقى والاشارات ثم ظهور الكتابة التي صارت اساس التدوين ونقل حضارات الامم ومعارفها عبر التاريخ وترجع اهميه الاتصال الى ان المقدرة على المشاركة والتفاعل مع الاخرين وتبادل الآراء والافكار والمعلومات تزيد من فرص الفرد في البقاء والنجاح والتحكم في الظروف المختلفة المحيطة به في حين ان عدم القدرة على الاتصال مع الغير يعد نقصا اجتماعيا خطير.
وقد تطور التواصل والاتصال يصبح علما قائما بذاته ومدارس متنوعه تكون بأركاز دعائمه اذ يعتبر الاتصال من العلوم القليلة التي تتكيف وتتقاطع فيها مجموعه من العلوم يعتبر علما ملتقى للكثير من التخصصات العلمية فقط اثارت سيرورتا الاتصال اهتمام الكثير من العلوم المتنوعة ابتداء بالفلسفة والتاريخ والجغرافيا وعلم النفس والسيسيولوجيا والاقتصاد والعلوم السياسية وكذلك العلوم الإدراكية بشكل عام وقد شكل هذا الحلول للتخصصات الاخرى داخل الاتصال احد المداخل الأساسية للتساؤل عن شرعيته العملية تعلم القائم بذاته وهو ما جعله يبحث عن نماذج تضفي عليه طابع العلمية حيث تنبني رؤى علوم الطبيعة وقام بتكييفها مع خصوصيته الأكاديمية.
ويعتبر المدخل التواصلي Communicative Approach ، أو تدريس اللغة التواصلي Communicative Language Teaching أو المقاربة التواصلية من أكثر مناهج تدريس اللغة انتشارا، وهو مظلة تشتمل على عدد كبير من الممارسات التدريسية وباستطاعتنا القول أن الهدف الأساسي لهذا المنهج هو تنمية قدرة المتعلم على التواصل باللغة في المواقف الحقيقية وليس تطوير المعرفة النظرية بقواعد اللغة. و مثّلت هذه المقاربة او المدخل تحولا مهما في مجال تدريس اللغات الأجنبية لأنه جعل الهدف الأهم هو اكتساب الكفاءة التواصلية، عكس الطرائق والمقاربات التي سبقته التي كانت تهدف إلى إكساب الطالب الكفاءة اللغوية فصار تدريس القواعد مهملا وغير مرغوب فيه. وقد ظهر هذا المدخل في أوربا في سبعينيات القرن العشرين. ولابد أن مظاهر التحول في هذا المدخل تمثلت في الانتقال من تدريس الأنظمة اللغوية (مثل المفردات، القواعد) بشكل معزول إلى تدريس الطلاب كيفية استعمال هذه الأنظمة اللغوية كلها في التواصل الحقيقي. و بعبارة أخرى، كان تحولا من التركيز على اكتساب الكفاءة اللغوية التي كانت الغاية من تعلم اللغة إلى اكتساب الكفاءة التواصلية. هذا التحول استوجب مراجعة شاملة لأهداف المقرر الدراسي ولكيفية بنائه الاختبارات اللغوية.
المبحث الاول
مفاهيم عامة
اولا مفهوم المقاربة:
تحيل المقاربة في الوقت الراهن على التخطيط التربوي والطلب على التربية خاصة وتعتبر تصور وبناء مشروع عمل قابل للإنجاز على ضوء خطه او استراتيجية تأخذ في الحسبان كل العوامل المتداخلة في تحقيق الاداء الفعال والمردود المناسب من طريقه وسائل ومكان وزمان وخصائص المتعلم والوسط والنظريات البيداغوجية.
المقاربة لغة
هي الاقتراب من الشيء دون تحديده تحديدا واضحا.
ويكون ذلك خصوصا في مجال العلم الذي يعتبر نسبيا كالترجمة مثلا وقد انتشر هذا المصطلح الحديث بهدف عدم الجزم جزما قاطعا بالنتائج العلمية المُتوصّل إليها في اي ميدان من الميادين، لذلك لم تعد النظريات تأخذ بمصطلح نظريه علميه ومكتملة بعين الاعتبار وانما صار كل شيء عباره عن مقاربه فنقول المقاربة بالكفاءات والمقاربة النصية والمقاربة التواصلية والمقاربة التداولية وغيرها.
المقاربة اصطلاحا
فالمقاربة كما جاءت في كتاب الكفايات في علوم التربية والذي ترجمه حسن اللحية أنها الطريقة التي يتناول بها الشخص او الدارس او الباحث الموضوع او الطريقة التي يتقدم بها في الشيء.
وفي تعريف اخر في نفس الكتاب المقاربة اساس نظري يتكون من مجموعه من المبادئ يتأسس عليها برنامج دراسي.
ثانيا مفهوم التواصل
تعريف التواصل لغة
هو الاقتران والاتصال والصلة والترابط والالتئام والجمع والإبلاغ والانتهاء والإعلام.
التواصل اصطلاحا
يعرفه: (عبد الجليل مرتاض في كتاب اللغة والتواصل اضطرابات لسانيه للتواصلين الشفهي والكتابي نشر دار هومة الجزائر) بأنه تبادل كلامي بين المتكلم الذي ينتج ملفوظا او قولا موجها نحو متكلم اخر interlocuteur يرغب في السماع او اجابه واضحه او ضميه وذلك الملفوظ الذي اصدره المتكلم
وفي تعريف اخر التواصل هو العلاقة بين الافراد وهو قبل كل شيء تصور يتضمن انتقال معلومات عن قصد أو دون قصد بهدف الإخبار او الاعلام او التأثير على اي فرد او جماعه من المستقبلين في نفس الوقت ينتج رده فعل حول الموضوع المستقبَل.
واذا أردنا ان نعرف التواصل بطريقه ابسط هو عمليه تفاعل مشتركه بين طرفين او بين شخصين او بين جماعتين لتبادل فكرة او خبره معينه عن طريق وسيله ما سواء كانت اللغة او الموسيقى او الرسم او الاشارات وما الى ذلك من وسائله المتعددة.
ثالثا مفهوم المقاربة التواصلية
تعددت مفاهيم هذه المقاربة وكانت شحيحه في ان واحد اولا من خلال تعدد ترجمة هذا المصطلح من منهج الى اتجاه ثم مدخل فطريقة لكن الشائع والاقرب الى الصحة هو مصطلح المقاربة أما ثانيا فمن خلال استعمال هذا المفهوم في تعليم اللغة لغير الناطقين بها فكثرت المؤلفات الأجنبية حول هذا الموضوع وقلت المؤلفات العربية حتى لا نكاد نعثر عليه في دراساتنا الخاصة بتعليمية اللغات.
واساس المقاربة التواصلية بالدرجة الأولى هو الرقي باللغة والتمكن منها لدرجه استعمالها للتواصل بها كما انها ترتكز على الكفاءة التواصلية.
كما نستطيع ان نقول ان المقاربة او المقاربات التواصلية هي مجموعه الطرائق والمنهجيات التي تهدف الى تطوير وتنميه كفاءه التواصل لدى المتعلم وتتمثل في مرونة التكيف والانفتاح على مختلف السياقات التعليمية
وتنظم طرائق ودروس التواصل هي على العموم لتحقيق اهداف التواصل من خلال الوظائف وكذلك افعال الكلام والمفاهيم اصناف دلاليه ونحويه مثل الزمن والفضاء الى اخره..
ونستطيع ان نقول ان المقاربة التواصلية اذن هي الوضعية التي يوضع بها لمتعلم داخل حجره الصف ويخطط لها من قبل المعلم حيث يشيع جو تواصلي تستخدم فيه مختلف الطرائق والوسائل لتحقيق ما يسمى بالكفاءة التواصلية الهادفة الى اكتساب كفاءه لغوية معينة وتظهر المقاربة التواصلية على شكل نتائج تثبت من خلالها مدى نجاحها فنتائجها تكون بيّنة على المتعلم بالخصوص
او هي استراتيجية يتبعها المعلم لتحصيل نتائج مضمونه في تعليم اللغة بطريقه تواصليه يحقق فيها المتعلم كيفية التواصل عن طريق وسائل وطرق حديثه من وضعيات حوارية و وسائل سمعيه بصريه وقد تكون حتى رحلات وصور في سياقات اجتماعية...
المبحث الثاني
أولا: أسباب ظهور المقاربة التواصلية
ان مفهوم التواصل وعناصره تصب داخل مفهوم واحد في تعليميه اللغات وهو مفهوم المقاربة التواصلية والتي ظهرت حديثا نتيجة تطور عده نظريات
وقد ظهرت هذه المقاربة كرد فعل عن الطرائق التي كانت سأئده قبلها مثل الطريقة السمعية الشفوية والطريقة السمعية البصرية وهذه الطرائق قامت على تيارين هما علم اللغة البنيوي وعلم النفس السلوكي
الرأي الأول:
وقد اختلف حول دوافع ظهور مثل هذه المقاربه فهناك رأي يرى انها نشات بدافع تعليم اللغات لغير الناطقين بها وكانت هناك دعوه الى تعليم اللغات من منظور اتصالي الى القرن السابع عشر حين كتب جون لوك عن تعلم اللغه قائلا: " يتعلم الناس اللغه من اجل التعامل مع المجتمع وتحقيق الاتصال وهنا ذكر جون لوك كلمه الاتصال نفسها بين الافكار في الحياه العاديه بدون تخطيط او تنظيم مقصود مسبق في استخدامهم للغة" [...] حيث كان هناك احساس بان اللغه وظيفتها الاتصال وتحقيق التعامل مع افراد المجتمع وتمر سنوات حتى تصل الى القرن التاسع عشر على وجه التحديد سنه 1864 اي منذ 140 سنه تقريبا وفي هذه الاثناء تنجذب طرق تعليم اللغات بأسلوب اتصالي تبناه المعلمون المهاجرون الى امريكا (رشدي أحمد طعيمة المهارات اللغوية)
الرأي الثاني
اما الراي الثاني فيرى انها لم تظهر لحاجات ودوافع تعليميه وانما كما ذهب الى ذلك الباحث محمد مكسي انها دخلت في البداية كتفكير تقني وسياسي لتحديد وضع غايات واهداف تعليم وتعلم اللغه فالقدره اللغويه عند بعض الشرائح الاجتماعيه مرادفه للرأسمال المهني ذلك ان المستعمرين ينتظرون من التعليم ان يساعدهم على اكتساب قدرات ومهارات تكون قابله للاستثمار ثانيه في زمن المحدد وحسب ايقاعات ملائمه لتدبر راسمالهم الزمني ولا شك ان هذه المتطلبات تعلل بشكل من الاشكال الضروره الملحه لوضع طريقه واقعيه تكون من مهامها تقليص تلك الهوة الشاسعة بين اساليب وطرق التعليم المدرسيه واساليب الاستعمال الوظيفي لهذه اللغات
ولا شك ان طبيعه العصر تفرض على الانسان ذلك اللهث المتسارع وراء تحصيل اكبر قدر من المنافع تحت غايات الرقي بالمجتمع والازدهار به في ظل التنافس الدائم بين الدول خاصه الراسماليه منها والا ضاعت الفرص المتاحه ولحق التدهور بها لذلك اصبحت المدرسه تطالب باكثر مما هو مفروض عليها وصار لزما وضع برامج و استراتيجيات تساعد على بلوغ اهداف عاليه الجوده في اقصر وقت ممكن لذلك استعين بما يسمى بالمقاربه التواصليه برمجتها حسب مثل هذه الحاجات وهي الاستعمال الوظيفي للغه في ميدان واقعي متنوعه ومختلفه حسب المجتمعات التي يتواصل معها المهنيون الراسماليون
الرأي الثالث
اما الراي الثالث والذي يعتبر تركيبا بين الراي الاول والثاني فقد جاء به الاستاذ نايف خرمه وعلي حجاج في كتاب اللغات الاجنبيه تعليمها وتعلمها حيث جمع هذا الكتاب بين الرأيين وارجع هادين الاستاذين ظهور ما سمياه بالطريقه التواصليه الى اسباب نظريه وحياتيه حيث يرى ان ظهور النظريات اللغويه الجديده قد اخذت تركز على قواعد واساليب استخدام اللغه في المجتمع وعلى الوظائف اللغويه التي تتحقق من خلال ذلك ثم هناك ايضا تزايد الشعور بالحاجه الى تعلم لغات اخرى بعد ثوره الاتصالات وثوره المعلومات اللتين كسرت احتكار تعلم هذه اللغات من قبل جماعه معينه دون غيرها واخيرا ظهور التقنيات الحديثه وسرعه وسهوله تداولها واستخدامها كل ذلك جعل من الضروري اعاده النظر في الطرائق تدريس اللغات الاجنبيه
ونستنتج من خلال هذه الاسباب ان اغلبهم يرجع سبب ظهور المقاربه التواصليه الرئيسيه هو تعليم اللغه الاجنبيه الا انها بعد بلوره مفاهيمها صارت تستعمل في المدارس لتعليم اللغه الام خاصه في الاطوار الاولى وكذا في تعليم مختلف المواقف والسياقات الاجتماعيه المتنوعه اضافه الى تعليم المستويات اللغويه التي قد يصادفها المواطن في حياته اليوميه بمعنى انها صارت الى جانب تعليم لغما تركز على تعليم كيفيه التواصل بمختلف الاستراتيجيات في مختلف المواقف
*ملاحظة
وعلم اللغه البنيوي كتوضيح عام هو ما يسهم في تقديم مواصفات اللغه المتحدث بها في الحياه اليوميه كما يسهم في مفهوم هذه اللغة باعتبارها نسقا un système
أما علم النفس السلوكي فنستطيع أن نقول بأنه الجديد دعوة للاحتفاظ بمفهوم اللغه كشبكه من العادات السلوكية التي يتم وضعها بواسطه الدعم الاجتماعي والتثبيت في وضعيه اجتماعية. وهذا منقول عن محمد مكسي في كتاب ديداكتيك القراءه المنهجيه مقاربات وتقنيات.
ثانيا:أهمية المقاربة التواصلية
- (نقل المعلومات من شخص لآخرأو من وسيط لآخر
- جمع المعلومات من مصادر متعددة أو من أشخاص مختلفين
- اعتماد المهام اللغوية في نجاحها على المهام التي قبلها
- تغيير في الاختبارات اللغوية، فبعد أن كانت الاختبارات اللغوية التقليدية تختبر قدرات الطالب الكلية في المهارات الأربع (القراءة، الكتابة، الاستماع، المحادثة)، صارت تركز على الأغراض اللغوية التواصلية المختلفة لكل فئة من الطلاب، من خلال تحديد وتحليل حاجيات كل فئة منهم وتصميم مقررات دراسية تستجيب لهذه الحاجات
تعليقات
إرسال تعليق