![]() |
ما هي أنواع أدب الهامش؟ |
ماهي أنواع أدب الهامش؟
الأدب الشعبي:
الأدب الشعبي أساس مختلف الدراسات الأدبية والدراسات المقارنة على وجه الخصوص إذ بدأت معه قبل أن تطال الأدب الراقي، كما كان وابتداء من البنيوية ميدان المناهج النقدية التجريبي. وقبل هذا وذاك كان الأدب الشعبي وسيظل المعبر الحقيقي عن حياة الشعوب وعاداتها وتقاليدها والمحافظ على هويتها ولأنه كان أدبا مجهول المؤلف باعتبار طابعه الجماعي وغير مدون لأنه ينتقل بالرواية، و لأنه أيضا أدب عامي اللغة، فإن المؤسسة الثقافية الرسمية أخرجته خارج محالها فعد أدبا هامشيا وفقدت بذلك الساحة الأدبية جزءا مهما من الأدب ككل ، ولما كان الأدب الشعبي أجرأ على القضايا المحظورة من الأدب المتعالي فإنه أكثر ثراء و أقل تبعية واحتراما لمعايير السلطات المختلفة، لهذا حمل الأدب صفة كل الآداب المهمشة التي تقوم على المعارضة واختراق المعايير. ويبدو الأدب الشعبي العربي بمختلف فروعه الشعر والقصة والحكاية أكثر تحميشا بالمقارنة مع الأنواع الأخرى لأنه يعتمد على النقل الشفوي واللغة العامية وعلى اللغة البسيطة في الحالات النادرة التي يدون فيها باللغة الفصحى مع أن التعالي هو المعيار الذي تعتمد عليه المؤسسة الرسمية في اختيار أدباءها بدليل أن الأعمال الأدبية التي تكسر كل منطق للكتابة المألوفة تقابل بالاعتراف والقبول من هذه المؤسسة. 1
الشعر:
يغلب على نصوص الأدب الهامشي طابع الحكي، لهذا جاءت معظمها في شكل الرواية نظرا لأنها تنحو دائما نحو أصولها الشعبية التي أكسبتها لغة تجمع بين الأسلوب البسيط و الأسلوب المتعالي.
بينما ظل الشعر ينزع نحو الاسلوب المتعالي القائم على غموض العبارة وتعقيد الصورة وتحقيق الايقاع حتى في قصيدة النثر، مما أدى بالنصوص الشعرية المدونة بالعامية إلى التهميش و الاحتقار، فلعل اللغة الراقية هي المعيار الرئيسي لتدوين الشعر واتحاد موضوعا للنقد الأكاديمي، بل قد تحد في الشعر الفصيح نصوصا أجازتها المؤسسة الثقافية بالرغم من بساطتها التي تصل حد السذاجة فيما رفضت نصوص الشعر العامي بالرغم من جمالية صورها وجدتها. 2
ويولي المتلقي العربي اهتماما كبيرا للشعر العامي الذي يمثل موروثه الثقافي كالشعر، الملحون في المغرب العربي، والشعر النبطي في الخليج العربي وتعقد له المجالس الشعرية على مرأى ومسمع من علية القوم، بل ويحضرها أهم أقطاب الشعر الفصيح الذين يستقون من درر هذه النصوص.
أدب الطفل:
طالما اعتقد الدارسون أن أدب الطفل هو أدب من الدرجة الثانية إن كان أدبا أصلا، ذلك أن يقوم على جمال الأسلوب وجودة الصياغة وتعالي اللغة، ولم يعرف اهتمام بهذا الأدب إلا لتحقيق وظيفة أخلاقية لأبناء النبلاء عبر قصص هادفة تحكيها المربيات هذا في أوربا، أما في الهند وبلاد فارس فكان وسيلة تعليم أبناء الملوك والأمراء مختلف شؤون الحياة.
من هذا المنطلق ظن الكتاب أن كتابتهم للطفل هي نزول إلى مستوى أدبى في التفكير والتعبير أيضا متجاهلين سعة خياله التي قد تتجاوز سعة خيال الانسان الراشد لكل هذه الاعتبارات اتجه المقارنون إلى البحث في ميدان ظل مجهول هو ميدان ثقافة الطفل، وأول دراسة أكاديمية كانت سنة 1932 في الكتاب الذي ألفه " بول هازار" (الكتب، الأطفال والرجال) إلا أن الأمر لم يتعد هذه الدراسة غلا بعد أكثر من ثلاثين سنة، حيث غدت ثقافة الطفل نقطة تقاطع العديد من العلوم الانسانية: السيسيولوجيا، علم النفس، الأدب المقارن، علم التاريخ التي طرحت سؤالا جوهريا مفاده هل يجب الحديث عن أدب الطفل أو الأدب الموجه للطفل؟
وقد التفت الأدباء العرب مؤخرا وبتأثير من الدراسات الغربية إلى ثقافة الطفل، و أخذوا يخوضون في هذا الميدان من خلال المسرح أو إعادة كتابة القصص الشعبي وكذلك عبر الشريط المرسوم وقصص الخيال العلمي في محاولة لاستيعاب سعة خيال الطفل وتحريك شهيته للبحث العلمي كما تفعل الدول المتقدمة الآن، وهكذا لكل هذه الاسباب اعتبر أدب الطفل من أهم الأنواع الهامشية كونه يقوم على أنواع أخرى تنتمي إلى هذا الأدب ".
الرواية البوليسية:
على الرغم من ان الرواية البوليسية اعتبرت من الآداب غير الحادة مدة طويلة من الزمن غلا أنها استقطبت شريحة كبيرة من القراء الذين اشترطت فيهم مواصفات خاصة، أبرزها الذكاء وسرعة البديهة والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة من أجل السيطرة على هذا النص والوصول إلى حل مختلف الالغاز التي يقوم عليها.
ومع أن الدارسين يجمعون على أن هذا النوع من الكتابة هو وليد العصر الصناعي، إلا أن النصوص القديمة ذات الأشكال الملحمية أو المسرحية قد حملت الحس البوليسي من منطلق البحث عن المحرم الذي تبنى عليه هذه النصوص، مثلما هو الحال في مسرحية (أوديب) "السوفوكليس" التي انطلقت من نواة مركزية هي ملاحظة قاتل لايوس" ثم انفتحت على بقية الاحداث عبر عنصر التشويق القائم على الألغاز الذي طغى على كل المسرحية. 4
وقد أشار " فولفغانغ كابزار" في حديثه عن تغير الأنواع الأدبية إلى وجود أشكال أدبية صغيرة تطورت مع الزمن ومع تقدم الدراسات، لتعدو نوعا من الأنواع الأدبية المعروفة، ومن ذلك اللغز الذي انحدرت من رحمه القصة ، ثم استقلت بشكلها وأسلوبها لكنها حافظت على اسلوب الألغاز الذي يعتبر البوليسية، واكتسبت خصائصه المتنوعة أساسا في بناء أحداثها ".5
وقد ولج النص البوليسي الأدب العربي في بدايات الحرب العالمية الثانية، وذلك عبر روايات غربية ترجمت ونشرت في المجلات المتنوعة التي كانت تملؤها النزاعات السياسية التي قامت بين الأحزاب، فصار الأمر يتطلب مادة صحفية جديدة تمثلت في الروايات المتسلسلة و أبرزها الرواية البوليسية، وقد اشتد الاهتمام وازداد طلب الجمهور على روايات المغامرات العاطفية والمغامرات البوليسية في القرن العشرين، فانبرى الكتاب يترجمون لأبرز الروائيين وعلى رأسهم كونان دويل.6
الرواية الوردية:
تظل الرواية الوردية تعيش على الهامش مع انها الأكثر استهلاكا بين كل الكتب الأدبية في الغرب، وذلك منذ نهاية القرن التاسع عشر إلى حد اليوم، فقد بينت إحصائيات المقرونية أن مؤسسة (Harlequin) التي تسيطر على تسعين بالمئة من سوق الكتب في فرنسا قد سوقت أكثر من 129 مليون نسخة من هذه الروايات فقط سنة 1989.
و قد كتب في هذا النوع على سبيل الاختصاص لا التجريب الكثير من الأدباء أبرزهم : Rafael Perez في اسبانيا « Carolina Ivemizio » في ايطاليا « Florence Barclay » و Daily في المنطقة الانجلوسكسونية ، وغيرهم.
إلا أن أغلب هؤلاء الكتاب كان ينشط في البداية تحت أسماء مستعارة قبل أن تتولى مجموعة من دور النشر المعروفة طبع هذه الكتب وتوزيعها بصفة متواترة . وقد دخلت هذه الرواية الأدب العربي مثلها مثل الأدب الغربي ككل منذ القرن التاسع عشر عن طريق الترجمات التي كان يقوم بها الأدباء، لأن التوجيه كان في البداية إلى روايات التسلية والترفيه التي عملت الصحافة على نشرها مسلسلة وخاصة ما كان يحفل منها بعناصر المغامرة والحب التي ميزت الذوق الشعبي في ذلك الوقت، لهذا التفت المترجمون إلى الروايات الغرامية التي كثيرا ما خلت من أسماء مؤلفيها أو حتى مترجميها عند عرضها في المحلات.7
وحتى وإن حملت مختلف الأنواع الروائية فيما بعد عناصر المغامرة أو الحب، فإن الرواية الوردية استمرت قائمة بذاتها تسجل أكبر رقم على مستوى المبيعات حتى في السوق العربية التي تصدى عدد كبير من كتابها للإبداع في هذا النوع الذي يصدر ضمن (روايات الجيب)، (الرواية الوردية) أو أسماء فتيات كروايات (أحلام) (و ليلى) وغالبا ما يكون غلافها ورديا ولكنها تخلو ايضا من أسماء مبدعيها ومترجميها.8
______________
1- خلوفي سعيدة، أنطولوجيا الأدب الهامشي بين النقد و الوظيفة ، ص97.
2 المرجع نفسه ص 96
3- المرجع نفسه ص 98
4 المرجع نفسه ص98.
5 خلوفي سعيدة، أنطولوجيا الأدب الهامشي بين النقد و الوظيفة ، ص 98.
6 عبد المحسن مله بلي الطور الربانية العربية مصر، دار المعارف، القاهرة مصر، ولادت، ص: 166
7 المرجع نفسه ص 98.
8 عبد المحسن طه بدر تطور الرواية العربية مصر، دار المعارف، القاهرة مصر ،دط،دت ، ص99.
تعليقات
إرسال تعليق