القائمة الرئيسية

الصفحات

في أدب الهامش


تعريف أدب الهامش

      من الجانب الاجتماعي تعرفه "صوفي بيس" Sophie Bessis «الحرمان من الموارد و الحقوق بالإضافة إلى انه مجموعة العوامل التي تحيل دون مشاركة الفرد و الجماعة في الأنشطة المجتمعية وعدم القدرة على التفاعل و الانصهار في بوتقة المجتمع الأوحد الذي يستوعب الكل بلا استثناء وعلى هذا فان الاستبعاد أو التهميش الاجتماعي هو الذي يفرق بين البشر» 1

     ويقصد هذا القول بان التهميش الاجتماعي social Exclusion عملية منع الأفراد بشكل منهجي من مختلف الحقوق و الفرص و الموارد التي تتوفر عادة لأعضاء مجموعة مختلفة والتي هي أساسية لتحقيق التكامل  الاجتماعي ضمن تلك المجموعة " المركز ". أما "فانسون باير" فيستهل دراسة التاريخية بتوضيح لفظ الهامش فهي بحسبه " لفظة جيدة وجدته العهد وتجمع إجمال بين عدة مواقف فيقول: « فالهامشية بين المنحرف والمتشرد من الناحية القانونية وبين القانون ولابد أنه رغم حداثة الاهتمام بموضوع الهامش في الفروع المعرفية المختلفة والذي يرجعه البعض إلى سبعينيات القرن الماضي، فإنه في جذوره قد يمتد إلى قرون خلت ترتبط بوجود المركز المهيمن. 

تقسيمات أدب الهامش

     ومن هذا المنظور فإن مفهوم الهامش أو التهميش قد يرتكز على مجموعة تقسيمات عامة، نراها تتمثل في الهامش الاجتماعي والهامش السياسي والهامش الاقتصادي والهامش الثقافي، وهي كلها تتعالق من حيث كونها عالمات على وجود الهامش في مقابل المركز وبالتالي فإن المفهوم قد يتحول إلى قيمة إيجابية باعتباره موقفا مخالفا أو مقاوما أو نديا للمركز، ورغم ندرة الاهتمام بالهامش في إلا بعد التسعينات، فإنه ضمن حيزا هاما في الدراسات الاقتصادية أولا ثم شغل مكان في الدراسات الأدبية، وهكذا يمكن أن تتحدث على أهمية الهامش في تلك الدراسات، غير أن العلوم الاجتماعية (علم الاجتماع) تحديدا فضلت ولفترة طويلة توظيف مصطلحات أخرى مثل تلك المتعلقة بالفقر، أو الأقليات، أو التمييز ، أو الاقصاء.. و هي كلها مصطلحات تغطي الظواهر الاجتماعية والاقتصادية 2 

«تشتغل موضوعة الهامش على مجموعة تخصصات كالفلسفة والاجتماع والسياسة والاقتصاد وفي الشق المتصل فإن المفهوم يتوحد ضمن دائرة تتصف بالجدل والنسبية وعدم الثبات فوجود الهامش يفترض مقابل هو المركز أو المهيمن ومهما كان المنظور فالهامش يتميز برتبة دنيا عن المركز أو هو أقلية أو هو مبعد أو هو مقصى أو هو معزول...، وهكذا يتحلى المفهوم في مجموعة مصطلحات متجاورة ومتشاكلة ،فوجود الواحد يستدعي الآخر» 3

أدب الهامش عند ميشال فوكو

    وبحسب رأي ميشال فوكو «فإن ما يمكن ملاحظته على الهوامش فإنها تتحدد بناء على علاقتها بالمركز فالخارج يتحدد بناء على داخل ما ذلك ألن الهوامش تظهر في مفاهيم الداخل ومن ثم فالفقراء والمقصين اجتماعيا يتحدد موقعهم في المجتمع الذي يصبغ عليهم هذه الصفة أو تلك، ويتموقعون بحسب عالقة بالمركز توحي إلى مجموعة معايير خاصة بها مثل الاهتمام، الاستهلاك و غيرها من المعاير"

      تقوم تصورات مفهوم الهامش في كل عناصرها على علاقات تحكمها ضوابط اجتماعية نفسية إيديولوجية تتأسس على الدونية وعقدة التفوق، الاقصاء والتمييز الصدارة والتبعية ويمكن ان تتمدد مثل هذه التصنيفات إلى عناصر ال متناهية إذا احتكمنا إلى هذه المعايير. وعلى سبيل المثال فالهامشية بين المنحرف و المتشرد من الناحية القانونية، و بين المجنون و المدمن من الناحية الصحية، و بين الأمي و المهاجر من الناحية الثقافية، و بين الفقير جدا و العاطل من الناحية الاجتماعية و الاقتصادية "4

أدب الهامش من جهة أخرى

      ومن وجهة نظر أخرى يمكننا ربط ظاهرة الهامش في بعض مصطلحاتها الشائعة بعلم النفس والجغرافيا والسياسة، ومنها ما يرد في علم النفس مثل: الانعزالية، الوحدة، الاحتياجات الخاصة، العاهة ...، أو ما يرد في الجغرافيا والعمران مثل الابتعاد ، ضواحي المدن أو ما تقترحه بعض الدراسات مثل فضاءات الهامش ، وأيضا يمكننا أن تخصص مساحات أكبر لما له علاقة بالهامش وقضاياه متمثلا في العلاقات التي تحكم السياسات الدولية الاقتصادية والسياسية ، وهو ما يجعلنا فينتبه إلى مصطلحات ثنائية جدلية أحيانا ومتألفة أخرى، ومنها العالم المتقدم والعالم المتخلف، الشرق والغرب ، الدول المتقدمة والدول النامية ، التبعية الثقافية والتبعية الاجتماعية ، الهيمنة والتسلط. 5

     والأدب  الهامشي أيضا يعرف على أنه «تلك الممارسة الفنية والعملية التي تجمع الى جانب الكشف عن الجمالية في النصوص تحصيل المنهج العلمي الصحيح أثناء النظر في مضامين أجناس الأدب الهامشي، إذ لا يختلف عن اي ممارسة نقدية أخرى في باقي الأجناس الأدبية الأخرى، فهي تعتمد أداة الذوق و النظر في اللغة و البحث عن الجمالية والانتهاء الى اعادة بناء نص مغاير للنص المنقود في بناء اللغوية التي تشكل أحكام هذا النص عبر قيامه بسلسلة من العمليات تنبني بالتفسير وتتدرج حتى تنتهي الى التأويل ومن ثم نحو بعد تداولي للنص، غير أن تحول النص نحو البعد التداولي ليس بالعملية العشوائية ولا الاستقصائية غير المنظمة للرؤى المختلفة لجمهور المتلقين و القراء، فالعملية النقدية كفيلة عبر الممارسة المختلفة بتوجيه رؤى القراء نحو المنهج السليم الذي يعضد هذه الرؤى ويدلل على صحة مراميها لذلك كان النص الادبي في حاجة ماسة الى ممارسة نقدية تقوم بتفسيره أولا، وتقومه ثانيا في عملية و احترافية لا تفقد النص جوهره الذي وضعه المنتج ولا خصوصياته التي صنعها جمهور القراء، وليست نصوص الأدب الهامشي بمعزل عن هذا الاجراء النمطي الذي يميز سائر النصوص الادبية المختلفة أي في مختلف أجناسه»6

_____________________________

1- هدی احمد ديب ومحمود عبد العليم: الاستبعاد الاجتماعي ومخاطرة على المجتمع، مجلة إضافات العددان 21.22، صيف خريف، 2015، ص211

2- مجناح جمال: جدل المفاهيم في موضوعة الهامش والمهمشين – قراءة تحليلية لمصطلح الهامش والمصطلحات المجاورة، ص 1.

3- المرجع نفسه.

4- المرجع نفسه. 

5- المرجع نفسه. 

6- المرجع نفسه. 

تعليقات

محتوى المقال