تلخيص أجزاء من كتاب "الغذامي الناقد:قراءة في مشروع الغذامي"من تحرير و تقديم :عبد الرحمان اسماعيل.
إعداد :زينب ديف
الغذامي لا يقصد إلغاء المنجز الأدبي و إنما يهدف لتحويل الأداة النقدية من أداة قراءة النص الجمالي الى أداة لنقد الخطاب و كشف أنساقه المضمرة، هذا ما طرح العديد من التساؤلات: فهل نحن أمام إغفال الجانب الجمالي للشعر؟ كيف يتم ذلك و الجمال النصي أساسي في الشعر و ميزة تجعلنا نميز تفوق شعر عن أخر و هناك جانب أخر.الجانب النفعي للشعر وهل نلغي الجانب الجمالي لصالح النفعي و هنا تكون القيمة النفعية هي الأساس في تقييم النص الأدبي ، سؤال أكبر نتجه لطرحه, حول هل للنص الشعري منفعة و هدف إصلاحي مباشر؟
الغذامي يعلن بهذا موت النقد الأدبي و خل محله النقد الثقافي،فهل قيام أحدهما على حساب الأخر ضرورة؟ ألا يمكن لهما ان يتعايشا معا؟ فمهمة النقد الثقافي الكشف عن الأنساق السلبية في بعض الشعر ، و للنقد الأدبي دوره في البحث عن جماليات الشعر.
ورد في هذه الاجزاء ثلاث مقالات سنقوم بعرص أهم ما ورد فيها :
الدكتور عبد الله الغذامي و التأسيس لمنهج عربي في النقد الأدبي / قراءة في كتاب الخطيئة و التكفير
د. عبد العزيز المقالح
الخصوصية ميزة أساسية في الثقافات و الآداب و الفنون فهي التي تضمن التميز و تحقق التنوع،و اذا انسلخت ثقافة ما من هذه الخاصية تصبح غريبة في أرضها و خارجها، و هذا ينطبق على النقد الأدبي العربي الحديث فقد عانى منذ وقت طويل من الغربة في محيطه و في المحيط العالمي نتيجة لافتقاره للخصوصية و لما يميزه عن النظريات و المناهج النقدية العالمية،و هذا ينطبق سواء على النقد الأكاديمي أو النقد الانطباعي.
برز منذ عقود لدى النقاد طموح لتأسيس نظرية عربية في النقد الأدبي،تنطلق من الموروث النقدي العربي و تتضمن مقاييس و قواعد تطبق و تدفع للتأمل من جديد،خصوصا في السنوات الأخيرة من الفرن العشرين،حيث ظهر العديد من النقاد الذين اجتهدوا و كلهم رغبة لتجاوز أساليب الكتابة النقدية الراهنة و النهوض بالنقد الأدبي العربي من التبعية ،و من بين النقاد الحالمين و المجتهدين الذين ثابروا للخروج من عباءة التخلف نحو التطور و التميز الناقد عبد الله الغذامي ، و الذي صنع الفارق متجها للتأسيس لنظرية لنقد عربي حديث و بالفعل فقد حقق نجاحا كبيرا في ذلك.
في كتابه الأول الخطيئة و التكفير، وضع الإشارات الأولى للتأسيس و عن طموحه في تحقيق الترابط العضوي بين الماضي و الحاضر و بين التراث و الحداثة،من خلال ربط الماضي بالحاضر و الدخول للعصر عبر حداثة السؤال.
الخطيئة و التكفير كتاب نقد أدبي يسعى للبنيوية التشريحية في دراسة النص الأدبي من منظور يجمع بين التأصيل و التحديث،أي الاستفادة من الأسلوبية في المذاهب النقدية الجديدة و الاستعانة بخصائص النقد الأدبي القديم.
اختار بذلك أسلوبا جمع فيه بين ثقافته النقدية و خبرته الأكاديمية كونه أستاذا للنقد الأدبي الحديث بجامعة جدة ثن بالرياض،و بالإضافة لصلته بكثير من النقاد العرب الذين شاطروه نفس الانشغال.
فهو يطمح لنظرية نقدية تنطبق قواعدها على الإبداع العربي بعيدا عن المحاكاة و التقليد في وقت قلت فيه الدراسات النقدية الجادة.
كان للغذامي إطلالة عميقة وواعية للمنتج النقدي الذي اختاره و أضاف المنطلقات النقدية الحديثة،، نفوره من أساليب النقد المتداول لاستنباط نظرية نقدية جديدة.
مشكلة الاتجاهات النقدية الجديدة كونها تعتمد على التنظير و تفتقر للتطبيق، و هنا يكمن الخلل اذ يتطلب الجهد النقدي التكامل بين الطرفين .
و في هذا الكتاب تم تناول تجربة الشاعر حمزة شحاتة، و قبل التوغل في تجربته تم تفصيل المنظور النقدي الذي انطلقت منه القراءة ، و أنها تقوم أساسا على النموذج الاتصالي الذي اقترحه رومان باكسبون أحد ملهمي النقد الحديث،و هي موجزة في ست عناصر: المرسل يقابله المرسل اليه، الرسالة /السياق،و أخيرا الوسيلة/ الشفرة.
و هذه العناصر تشير لولادة نقد حديث لا يكون الناقد حاكما بل يصبح طرفا مشاركا في العمل الإبداعي.
و يتضح أن أهم عنصر هو الشفرة التي تعتمد أساسا على ذكاء الكاتب فهي اللغة الخاصة بالسياق و الأسلوب المميز للجنس الأدبي و هنا تبرز قدرة الكاتب الإبداعية.و هي التي تضمن خصوصية النص و تميزه.
و هي ما يعرف بنظرية الاتصال و التي يتبين من خلال البحث أن لها جذورا في اثار الناقد العربي القديم حازم القرطاجني الذي لمح لبعض عناصر الاتصال اللغوي قبل ياكبسون بسبعمائة عام.
على الناقد العربي أن يظل قريبا من سياق النقد العربي بمرجعيته التراثية و عليه أن يحاول الربط بين مقولات النقد العربي القديم و الحديث من اجل الوصول لصيغة نقدية تتفاعل مع النص الأدبي.
بمعرفة الأخر نكتشف أنفسنا بشكل أفضل، لحصول التميز لا يجب فقط الانطلاق من الذات و الانغلاق عليها بل يتوجب الانفتاح على الآخر دون الذوبان فيه.
في الجزء النظري من كتاب الغذامي عرض نظرية الاتصال عند ياكبسون بما تماثل معها عند حازم القرطاجني .
مصطلح الشاعرية التي تعد جوهر كل عمل إبداعي أدبي.وصولا لهذا المصطلح الذي كان في الأدب القديم يسمى البيان، أو الفصاحة و البلاغة الذي سماها الجرجاني بالنظم، و سماها الفلاسفة العرب بالتخيل .
أما بالنسبة للغرب، فتعددت المصطلحات التي عبرت عن الشاعرية ، الأدبية عند المدرسة الشكلية و التعبيرية عند المدرسة الرومانسية،و الأسلوبية عند البنويين، و ناقش العديد من الناقدين العرب ليقترح بعدها مصطلح الشاعرية ،مشيرا بذلك لورود ما يقارب هذا المصطلح عند القرطاجاني الذي تحدث عن شعرية الشعر،فكان مصطلح الشاعرية جامعا يصف اللغة الأدبية في النثر و الشعر.
فالغذامي بهذا يستثمر التراث النقدي العربي مستغلا النقد الأوروبي الحديث، محاولا التأسيس بوعي علمي و أدبي لنقد عربي متطور.لا يقف على الماضي فقط بل يعالج الحاضر و يتطلع للمستقبل .
النقد لم يأخذ سمة العلم إلا إذا تجاوز المألوف من الأساليب النقدية بوعي تام بالتحديث و برغبة في التجديد،و الخروج من الدائرة الوصفية الضيقة نحو الانفتاح على العناصر الإبداعية و الأفكار الجوهرية ، و الخروج من إشكالية ماذا قال؟ الى كيف قال؟.
الغذامي من النقاد الذين حاولوا بل حرصوا على إثبات المقولات النقدية الغربية بما يرجع جذوره لموروث نقدي عربي.
في الجزء الثاني من الكتاب النظري الذي شمل مقدمة تمثلت في مرافعة علمية ذكية عن المفارقة القائمة بين منهجي النقد القديم و الحديث
عرض الكاتب في هذا الجزء البنيوية و السميولوجية و التشريحية و قارنها بين مقولات النقاد الأوروبيين و النقاد العرب في التراث النقدي العربي .فنلاحظ ان حضور التراث حيوي في ذهن الغذامي
كان الشعر يحتل مكانا مميزا بين الأنواع الأدبية الأخرى، و مازال رغم المنافسة الشديدة فهو يظل جزءا لا يتجزأ من الهوية القومية و الوعاء التاريخي لأهم الأحداث.إلا أن الاهتمام النقدي به تراجع و صار يتعامل معه نقديا كغيره من النصوص ،و بطرح الغذامي لهذه الفكر و من خلال تجربة الأديب حمزة شحاتة، أكد على فتح مسارات جديدة في النص الأدبي بغض النظر عن جنسه .
فالكاتب منذ البداية يحاول إقناعنا بتناول النص بعيدا عن جنسه، فالنص الأدبي في نظر النقد الجديد نص إبداعي مهما اختلفت تسميته.
فالنص الأدبي جسد حي كما وصفه بارت نقلا عن العرب، و مادام جسدا فلا بد للنقد أن يكون مشرحا خبيرا.
و هذا يقربنا لنظرية النص حيث التركيز على النص و الانطلاق منه لا من صاحبه و لا من عصر صاحبه.و من هنا تصبح العملية النقدية الواعية مشابهة للعملية الإبداعية.
الغذامي بطرحه لنصوص حمزة شحاتة تجاوز مرحلة الإعجاب لدرجة الحب و عشق هذه النصوص، إذ لم يكن مجرد قارئ بل كان مفسرا و كاتبا أيضا.
أدرج نظرية تدوروف صاحب نظرية القراءة: الاسقاطية و قراءة الشرح و القراءة الشاعرية. و قد أوجز القراءة في خطوات: القراءة العامة الاستكشافية، القراءة التذوقية النقدية، قراءة نقدية بفحص النماذج،دراسة النماذج على أنها وحدات كلية ، و بعدها تأتي مرحلة الكتابة و إعادة البناء.و قد ذكر نموذجين من القراءة: نموذج الجملة الشاعرية ،و نموذج دلالي
جاء في الجزء المعنون بـ"النقد الثقافي /مطارحات في النظرية و المنهج و التطبيق" للدكتور عبد الله ابراهيم من جامعة قطر:
الغذامي من النقاد الذين دعوا لتغيير الوظيفة التقليدية للنقد الأدبي ، و اقترح الوظيفة الثقافية و اقترح بذلك النقد الثقافي ، فجاء كتابه الخطيئة التكفير في فترة كان التفكير الجديد مرفوضا و لا يقبل في الوسط الثقافي، فتخطى النزاع القائم بين التيارات و قدم عرضا موسعا لما بعد الانساق المغلقة.فقد كانت خطوته الأولى مقترنة بالاقتراب للنقد من خلال الأنساق الجديدة المفتوحة.
العديد من الكتب التي كتبها الغذامي عالج فيها العديد من القضايا، كقضية الأنوثة في الثقافة العربي التي اندرجت ضمن مشاريع النقد الثقافي بأبعادها المختلفة الثقافية و العقائدية و الاجتماعية ،و الهدف الأساسي من هذا هو دعوته للتنوع و التخلص من الانحباس داخل قوقعة مغلقة بل الانتقال من الممارسة النقدية للممارسة الثقافية.
فالوظيفة النقدية بحسب الغذامي لا تقتصر على القراءة الخالصة التبريرية للنصوص بل تتعداها محاولة الكشف عن العيوب النسقية المختبئة خلف النصوص.
يريد الغذامي أن يقوم النقد الثقافي بوظيفة فك الارتباط بين المؤثر و المتأثر، بين سلبية الاثر الذي تركه الشعر و الشخصية العربية.فالنقد العربي كان متخوفا من العديد من المواضيع هذا ما جعله يتجنبها و يخشى الخوض فيها.
هذه المهمة لوحدها تظل ناقصة ، فلابد من التوسع بمهمة النقد ليشمل نقد المؤسسة المنتجة للثقافة.و التي بدورها تظل متواطئة مع مؤسسة السلطة و مؤسسة المجتمع.
بالنسبة لمرجعيات مشروع الغذامي ، فانه يصرح بأنه لم يكن المبشر الأول به ، وقدم بذلك عرضا للذاكرة الاصطلاحية للمشروع،بداية من كيفية فهم العمل الأدبي ،ألى مجاورة النص بمفهومه التقليدي .
تبلورت معالم الدراسات الثقافية بعد تأسيس مركز برمنكهام للدراسات الثقافية المعاصرة، وهنا كان التمرد على الأنساق في الثقافة الغربية، وانكسر بعدها الفهم النقدي الذي جاءت به المناهج الشكلية و البنيوية للأدب.
بعد تفاعلات عميقة في الثقافتين الفرنسية و الألمانية و الأوروبية عموما، و بعدها الأمريكية،و كل هذا الجدل القائم كان طابعه العام ثقافيا و يهدف لإعادة النظر في وظيفة النقد التقليدية،
و ذهب الغذامي بان ليتش أكد بان النقد الثقافي تضمن تغييرا في منهج التحليل يقوم على دمج المعطيات النظرية و المنهجية في مجال علم الاجتماع و التاريخ و السياسة و غيرها.
النقد الثقافي :النظرية و المنهج
الغذامي يدعو للابتعاد عن الفهم الرسمي للأدب،الذي أجرى تنميطا مهنيا للنشاطات الإبداعية ، وقدم مثالا بكليلة و دمنة و ألف ليلة وليلة ،فالأول احتفي به لأنه يوافق الأعراف الرسمية و الثاني نبذ لأنه يخالفها.
و نقد الفهم سيسمح للعديد من الآداب المهمشة بالاندماج في عالم الأدب دون سوابق و أحكام.فيجب تحرير الفهم التقليدي من القيود الموروثة.و بالتالي دفع النقد من وظيفته الأدبية إلى الوظيفة الثقافية، لا يتم ذلك الا بمجموعة من الإجراءات:
نقلة في المصطلح،في المفهوم في الوظيفة و في التطبيق.
هدف الغذامي أيضا الى توسيع دلالة التورية ،ليتسع بذلك مفهوم الدلالة من معناه الضيق نحو نوع جديد هو الدلالة النسقية.
بحسب الغذامي المؤلف هو مؤلفان،مؤلف فرد له خصوصية شخصية، و مؤلف آخر ذو كيان رمزي،فنحن أمام مؤلف مزدوج التكوين: تكوين شخصي و أخر ثقافي ،و الجانب الثقافي يشكل و يعيد تشكيل الجانب الشخصي.
الغذامي بهذه المقترحات التي توسع وظائف الوسائل النقدية ينقد النسق الثقافي الذي يحمله في مشروعه، فالنقد الثقافي الذي يريده الغذامي مصمم لنقد الأنساق الثقافية.
يعتبر مفهوم النسق محورا مركزيا في مشروع النقد الثقافي ، فالوظيفة النسقية لا تحدث الا في وضع محدد و مقيد، حينما يتعارض نسقان أحدهما ظاهر و الأخر مضمر.ثانيا قراءة النصوص قراءة ثقافية ليس قراءة أدبية جمالية و حسب، ثالثا : الدلالة النسقية ليست من صنع مؤلف فرد بل بفعل سيطرة نموذج ثقافي شامل ،رابعا:النسق ذو طبيعة سردية لهذا فهو بارع في التخفي،خامسا: النسق تاريخي أزلي، سادسا:يقوم بتنميط ذائقتنا و طرائق تفكيرها و ميولها.
اما وظيفة النقد فهي الانتقال بالممارسة النقدية من نقد النصوص و العناية بجمالياتها الأسلوبية و البنائية الى نقد الأنساق المطمورة فيها.
تطبيقات النقد الثقافي
هنا ننتقل للجانب التطبيقي،بداية من الأخطاء النسقية التي غزت الشخصية العربية بفعل الشعر أو بفعل فهم قاصر و محدد له.
كان موقف العرب اتجاه الشعراما تبخيسي أو تبجيلي ،الأول مثلته علاقة الاسلام بالشعر ،أما الثاني فقد مثلته النظرة الراسخة و العميقة التي ترى في الشعر سجلا لتاريخ العرب، و مصدرا من مصادرها الأساسية.
يعالج الغذامي الكيفية التي تحولت فيها وظيفة الشعر الجماعية الى الوظيفة الفردية و تسللت للذات العربية. و قد حصل هذا التحول في أواخر العصر الجاهلي.و قد رسخ بذلك نسق ثقافيا قوامه الفردية و فن الاستعلاء و التمركز نحو الذات.
ويرجع الغذامي سلطة الشاعر الى قدرته البالغة في المزج بين الترهيب و التغيب، اي في الهجاء و المديح.
لقد تجمعت محمولات هذا النسق ، فأصبحت مغذيا سلوكيا و عقليا للذات العربية، فصناعة الطاغية ميسورة في هذه البلاد.
مطارحات لتنظيم الأطر العامة للمطارحات يجب الوقوف أولا على الإجراءات النظرية المكونة له .
الجانب النظري الإجرائي:
الأمر الأساسي في مشروع الغذامي هو الدعوة الجريئة و الضرورية لتجديد عناصر الرسالة الأدبية و توسيعها،و من أهم الأمور المثيرة للاختلاف و الاهتمام منطلقه النظري الذي يقول بان النسق الخطابي الذي مثله الشعر على وجه التحديد هو الذي طبع الشخصية العربية بطابعه.وطرح بذلك سؤالا مهما: هل جنى الشعر العربي على الشخصية العربية؟
وهل هناك علاقة بين اختراع الفحل الشعري و صناعة الطاغية؟
فراح يبحث في العيوب النسقية للشخصية العربية و التي يحملها ديوان العرب، و تتجلى في سلوكنا الاجتماعي و الثقافي.
يشدد الغذامي على ألان الأنساق الثقافية أنساق تاريخية أزلية و راسخة.فالنفس العربية تم تدجينها و أصبحت كائنا شعريا لا يستجيب للتفكير و لا يبحث عن الحقيقة.
فالشعر هو الذي احتكر مشروع التحديث في الثقافة العربية و صاغ عيوب الشخصية العربية .
يحتاج مشروع الغذامي إلى نقد جرئ للأصول بجميع أشكالها،و تحرير علاقتنا بها و ليس إلغائها. فالعلاقة بالماضي يجب أن تكون شفافة و خالية من التعظيم.
الغذامي ينظر للنثر العربي القديم نظرة تقليدية مشتقة من التعريف الشائع، فيراه مجسدا بالرسائل و الخطب و الجانب البلاغي.
بذل الغذامي جهدا كبيرا للبرهنة على مركزية الشاعر في المجتمع العربي، على الرغم من أن كبار الشعراء عاشوا مهمشين مرتحلين.منبوذين و لم يتمكن و مع الاندماج مع قومهم، و لم يعترف بهم الا بعد أن تغيرت أعراف التلقي الأدبي.
يظهر الغذامي حرصا على تأكيد الفكرة القائلة بان النقد الأدبي قد جارى الشعراء فيما يذهبون إليه، و لدلك تواطأ معهم و شغل بجماليات النصوص الشعرية، و لم يفلح في تأسيس نظرة نقدية مغايرة.
يذهب الغذامي إلى أن نهاية العصر الجاهلي شهدت انفصالا بين النسق الفردي و النسق الجماعي فلحظة ظهور الإسلام حاولت إعادة تكييف العلاقات القبلية باتجاه جماعي .
تشوب تحليلات الغذامي نظرة إصلاحية تتعالى منها أحيانا إحكام أخلاقية اعتبارية ، و في كثير من الأحيان تكمن قيمة الممارسة النقدية المنهجية في قدرتها على تغيير زوايا النظر.
قراءة في مشروع الغذامي للدكتور عبد الله بن أحمد الفيفي بكلية الآداب جامعة الملك سعود /الرياض
الخطيئة و التكفير تعتبر انطلاقة جادة لمشروع الغذامي ، لما يحمله من مشروع هادف و غزارة معرفية و دقة و موضوعية.
وقف الغذامي في هذا الكتاب و في الجانب التطبيقي على عدة نماذج من الشعر و كذلك النثر فتميز في طره بحس الناقد المبدع اللماح وأداة الأكاديمي المتخصص.
ان الدارس لمشروع الغذامي يجد نفسه أمام منظر جاد و صبور يعمل بجد على الحفر الكافي وراء سياقات النص التراثي.و هذا يدل على صلته الوثيقة بالتراث العربي القديم، و توغله في أعماق المخيال العربي .
تعليقات
إرسال تعليق