تساؤلات حول المسرح مستقبلا
كاتب المقال: زينب ديف
يشهد العالم تطورا تكنولوجيا كبيرا على عدة مستويات،والهدف الأساسي هو رغبة الانسان المستمرة في البحث عن حياة أبسط و أسهل، مخترقا بذلك الوقت و مختصرا الجهد.
فكلما وجد مشكلة او صعوبة سعى بوسائله التكنولوجية لحلها و تسهيلها و كأنه يضع أمام كل مهمة آلة بداية من ابسط الاشياء التي تعود عليها كالتلفون مثلا لأعقد الآلات و أكثرها تطورا في مجال الربوت و كيفية التحكم به . و مع مرور الزمن، أسئلة كثيرة يجب ان تطرح و مسائل عديدة يجب الوقوف عندها، فهل نحن بصدد صناعة عالم يكون فيه الانسان مجرد شيء ثانوي، تسيطر عليه الروبوتات و الآلات؟ و هل هذا فعلا سيخدم البشرية أم سيسبب انقراضها؟ ربما سيخدمها كثيرا و سيدمرها كثيرا أيضا ، فأغلب ما تقدمه الآلة الخدمات اي الجانب المادي،غافلة عن الجانب الروحي الوجداني التأملي..
بالحديث عن المسرح الرقمي،او المسرح مستقبلا، و بأخذ المسرح بأبعاده الأربعة: ممثلون،خشبة المسرح , المسرحية و الجمهور، و بتبعنا لتطورات كل عنصر ،بوضع تصور لما سيطرأ عليه من تغيير,يمكن تصور العديد من التغيرات التي سنصادفها مستقبلا.
العنصر الأساسي هو الممثل الذي يقوم بالدور وفقا لشغف و لحاجة في التعبير و مستقبلا قد يتم استبداله برجل ألي يتم التحكم فيه عن عد باعطائه الاشارات و الحركات، كذلك استخدام تقنية الهولغرام، وهل هي احياء للماضي أم ثورة جديدة . ستعصف بنا نحو عالم مسرحي جديد؟
انتشرت هذه التقنية منذ سنوات لاعادة احياء العروض القديمة من أعمال و حفلات فنية و عروض مسرحية، و أخرها كان مع عرض موسيقي للمطربة أم كلثوم في مهرجان شتاء طنطورة بالمملكة السعودية, مؤكد أن هذه التقنية ستشهد تطرا كبيرا مستقبلا و قد نشاهد عروضا مسرحية لممثلين يتقاسمون مسرحية من ممثلين أموات تم استرجاعم على الخشبة بفضل هذه التقنية .
و اذا قلنا المسرحية، نتجه نحو النص المكتوب اي كاتب المسرحية و هذا العنصر اساسي ايضا و أظن أن الكتابة خاصية بشرية لانها ترتبط بالحواس و بالعقل و باللغة , و سيكون من الصعب استبدالها لا أقول مستحيل فدائما ما يفاجئنا التطور باشياء خارقة .
اما بالنسبة للمسرح فالفضاء المكاني هنا يمكن ان يطور. فربما مستقبلا نتمكن من مشاهدة مسارح متنقلة ، ليس بريا فقط بل جويا,مسارح محلقة و اخرى تحت الماء ،أما بالنسبة للتقنيات المسرح هنا العملية تبدو اكثر قابلية للتطور ، علي مستوي الصوت،و الاضاءة و الالبسة .فقد نشاهد ممثلين عاريين و يتم تلبيسهم بواسطة الاضاءة لسهولة تغيير الالبسة و التحكم فيها.
الجمهور .إذ لا مسرحية بدون جمهور. يشكل الجمهور المتلقي الذي يستقبل المسرحية و أهم شيء في العرض هو الحضور و متابعة العرض بشكل مباشر و هدا ما يجعل المشرح يختلف عن الفيلم المصور مسبقا. و هنا مع التطور الحديث سمح لنا بمشاهدة عروض عن طريق البث المياشر عبر الهواتف, صحيح قد تقل المتعة و انت تشاهد عرضا مسرحيا من وراء الشاشة. لكن ربما سنضطر لذلك او نجبر...
زمن الكورونا الذي نعيشه الان يفرض عزلة إجبارية بحيث أصبح الأخر يشكل خطرا يهدد حياتك.وهذا الزمن بكل التغيرات التي احدثها على مستوى الفرد و مجتمعه من سلوكات جديدة ربما ستأثر عليه مستقبلا او قد تفرض عليه نمطا حياتيا آخر. يصبح فيه خصور الاخر ليس ضروريا بل وزائدا في بعض الاحيان، مادامت الوسائل التكنولوجيا تتيح لك فرصة سماع صوته و رؤية صورته و فتح نقاشات معه و تبادل الآراء المختلفة.فهل هذا يقودنا نحو عالم جديد، مهدت له التكنولوجيات الحديثة طيلة السنوات الماضية و فرضته الكورونا الان؟ هل المسرح فن سيستمر ام سينقرض في زمن الكورونا. و هل يبقى الانسان بحاجة لمسرح؟
الكثير من الأسئلة التي قد تطرح في هذا الموضوع و الإجابة عنها تتطلب يحثا و اجتهادا أو الركض استباق الزمن و السفر نحو المستقبل للإجابة عنها.لكن و مع هذا يظل المسرح ضروريا للإنسان كحاجته للفن و للغة و كرغبته في الاستمرار.
تعليقات
إرسال تعليق