
أهمية الدراسات السابقة في البحث العلمي

مقدمـــــــــــــــــة
تعد عملية استعراض الدراسات السابقة في البحث العلمي ذات أهمية بالغة، فهي تؤدي كثيرا من المهام للباحث أثناء تنفيذه لهذه العملية وللقارئ عند قراءتها، لما كتبه الباحث حول هذه الدارسات. وتتمثل أول هذه المهام بالنسبة للباحث في التأكد من أن هذه الدارسات السابقة لم يتطرق للمشكلة التي هو بصدد بحثها من نفس المضمون والمنهج. فالقصور في المنهج قد يؤدي إلى نتائج غير صادقة والقصور في المضمون يعني وجود جوانب للموضوع لاتزال في حاجة إلى البحث أو التعديل، ويؤدي هذا بالتالي إلى البرهنة على أهمية المقترح وجدوى تنفيذه.
والباحث الناجح هو الذي يبدأ من حيث انتهى إليه غيره من الباحثين حيث تتشكل لديه معارف واسعة تؤهله لأن يكون أكثر قدرة على الابداع والابتكار في بحثه الحالي ولا يتم ذلك إلا بالقيام بالكثير من الخطوات التي تمكنه من ذلك
عمل مسح للدراسات السابقة حول موضوع بحثه كأن يجمع كل ما كتب ونشر في المؤلفات والمراجع، والبحوث الميدانية المنشورة في الدوريات العربية والأجنبية، وكذا الرسائل العلمية إضافة لما نشر في المؤتمرات العلمية المتخصصة والتقارير العلمية التي تصدرها مراكز البحوث.
بعد الخطوة السابقة يقوم الباحث بتحليل ونقد الدراسات بحيث يدرس أهم ما جاء فيها ( العنوان، أهداف البحث، العينة، الأدوات، الأساليب الإحصائية، إجراءات البحث وأهم النتائج) بحيث يصل لتحديد أفضل الأدوات والأساليب والمناهج لدراسته الحالية.
ومن خلال هذا الاطلاع يتأتى للباحث الوقوف على مجموعة تساؤلات لا يجد لها إجابة، فتكون تلك بمثابة إشكالية لدراسة جديدة ومنطلقا لبناء فروض بحثه، وتمدنا الدراسات السابقة بفكرة عن كيفية معالجتها وطرق اختبارها.
كما أنه من غير المنطقي أن يقوم الباحث بتصميم بحثه قبل القيام بالدراسة المنهجية للدراسات السابقة.
على الباحث أثناء جمعه لمادة الإطار النظري أو الدراسات السابقة الاستعانة ببطاقة خاصة بحيث: يستخدم بطاقة مستقلة لكل فكرة أو حقيقة أو مفهوم.
كتابة عنوان البحث في بداية كل بطاقة وعنوان المرجع.
تسجيل المعلومات الكافية لتحديد الفكرة التي تتضمنها الملاحظة.
يوضح الباحث إذا ما كانت الفكرة ملخصة أو مقتبسة أو منقولة ثم كتابة أرقام صفحاتها.
1- أهمية الدراسات السابقة في البحث العلمي:
إن استعانة الباحث بدراسات سابقيه ممن ترتبط بحوثهم بموضوع بحثه تؤدي إلى فوائد عديدة أهمها:
- تكوين إطار وخلفية حول الموضوع تكون أكثر ثراء من ناحية المعلومات بحيث تساعده في تحديد المصطلحات والمفاهيم الإجرائية لبحثه، مع التحديد الدقيق للمشكلة، وذلك بعد حصر مجموعة التساؤلات والإشكاليات، أو الأفكار التي لم تحل بعد.
- تساعد الباحث على فهم أفضل لجوانب بحثه وتحديد أسلوب إجرائه.
- تعتبر نتائج البحوث السابقة بمثابة الفروض التي ينطلق منها الباحث قصد التأكد منها أو مواصلة البحث في ذات المجال.
- بمعرفة نقاط القوة والضعف يمكن للباحث التبصر أكثر بصعوبات البحث المادية والمعرفية، وبالتالي توفير الجهد.
- تجنب تكرار الجهود المبذولة من طرف السابقين ( خاصة من الجوانب المدروسة)
- تجعل الباحث أكثر دراية بتفسير النتائج وإبراز أهمية بحثه وتطبيقاتها التربوية.
- توجه الباحث من خلال اطلاعه على مختلف المعالجات والطرق البحثية بحيث يصبح قادرا على تخير أحسن الطرق والمناهج، أو اللجوء إلى طرق جديدة يرى أنها الأنسب لاختبار الفروض مع توفر الأدوات والأساليب الإحصائية.
- إن الاطلاع على الدراسات السابقة يساعد الباحث على الاختيار السليم لبحثه ويجنبه مشقة تكرار بحث سابق، كما تمكنه من التأكد أن جميع العوامل التي تؤثر في حل المشكلة التي تضمنها البحث.
- تعرف الباحث بالصعوبات التي وقع فيها الباحثون والآخرون وما هي الحلول التي توصلوا إليها لمواجهة تلك الصعاب، ومن ثم يتجنب الوقوع في الأخطاء التي وقع فيها الأخرون.
- تزويد الباحث بالعديد من المراجع المتعلقة بموضوع بحثه، حيث غالبا ما تحتوي تلك الدراسات على بعض التقارير الهامة والتي لم يطلع عليها الباحث بعد.
- تزويد الباحث بالأدوات والإجراءات التي يمكن أن يستفيد منها في إجراءاته لحل مشكلته.
- إغناء البحث وبيان أصالته، عن طريق الرجوع إلى الأطر النظرية والفروض التي اعتمد عليها الآخرون والنتائج التي أوضحتها دراساتهم وكذلك استعراض أوجه النقص والاختلاف في تلك الدراسات.
- الاستفادة من نتائج الأبحاث والدراسات السابقة في مجال بناء فروض البحث اعتمادا على النتائج التي توصل إليها الآخرون وأيضا في مجال استكمال الجوانب التي وقفت عنها الدراسات السابقة.
- تساعد الباحث في تحديد الاطار النظري لموضوع بحثه، وتعديل هذا الاطار بحسب المستجدات البيئية التي قد تفرض أحيانا بعض التغير في الأسس النظرية والفرضيات التي تقوم عليها الدراسة العلمية.
- تحديد وتكوين العنوان الكامل للبحث بعد التأكد من شمولية العنوان لكافة الجوانب الموضوعية الدقيقة والجغرافية والمكانية وكذلك التاريخية.
- تساعد الباحث في اختيار أداة أو وسيلة أو تصميم أداة مشابهة لأداة أخرى ناجحة لتلك البحوث.
- استكمال الجوانب التي وقفت عليها البحوث السابقة، لأن في ذلك تجانس وتكامل لسلسة البحوث العلمية في مجال تخصصه.
كل هذه النقاط تعطي الدراسات السابقة أهمية بالغة في البحث ابتداء من كونها تساعد الباحث في بلورة مشكلة بحثه وتحديد أبعادها أي انها بواسطتها يمكن تحديد الإطار التصوري لبحثه وصولا إلى النتائج، ومنه يحدد ما إذا كان قد توصل إلى نتائج جديدة أو فيها إضافة.
2- مصادر مراجعة الدراسات السابقة:
تشمل عملية مراجعة الدراسات السابقة الاستعانة بمجموعة من المراجع منها المصادر الأولية والمصادر الثانوية والمصادر الميدانية.
المصادر الأولية:
تعرف هذه المصادر بأنها المادة الأصلية للدراسة حيث يقوم بتنظيمها ونشرها نفس الجهة التي قامت بجمعها وذلك بعد الدراسة والبحث، فالمصادر الأولية قد تحتوي على تفاصيل أوفى مما تحويه المصادر الثانوية، لذا يراعى في الرسائل العلمية أن تكون مستندة إلى مصادر أولية بعد تحقيقها والتأكد من صحتها.
المصادر الثانوية:
وهي كل ما نقل أو اقتبس عن مصادر أولية بحيث تعتمد علة ما نشر في البحوث أو الرسائل العلمية أو في المجلات والصحف، ويفضل استخدام المصادر الأولية – في حال توفرها – إذ أن المصادر الثانوية كثيرا ما تكون عرضة للخطأ في نقل البيانات الصحيحة أو أخطاء التحليل، ويعتبر كل ما هو جديد في المصادر الثانوية بمثابة مصادر أولية وكل ما اقتبس واستشهد به في المصادر الأولية بمثابة مصادر ثانوية.
المصادر الميدانية:
يُعتمد على هذه المصادر عندما يتعذر على الباحث الحصول على المعلومات المطلوبة بطريقة جاهزة، بحيث تتوفر لدى أشخاص أو هيئات، أو مشاهدات غير مدونة في سجلات، لذا يعمد إلى جمعها عن طريق المقابلات.
3- توظيف الدراسات السابقة
تختلف طريقة عرض الدراسات السابقة من باحث لآخر، وذلك حسب ما يريد الباحث تبريره وإبرازه فيما يخص توافق واختلاف بحثه عن هذه الدراسات السابقة، لذلك نقترح أهم النقاط التي يجب عرضها في الدراسات السابقة، والتي تعتبر نقاط مفصلة في البحث. حيث يستطيع الباحث من خلال هذه النقاط إجراء عملية المقارنة، وتحديد أوجه التشابه والاختلاف بين ما جاء في هذه الدراسات وما ذهب إليه في بحثه.
تقديم الدراسية:
يقوم الباحث في هذه الخطوة حفاظا على الأمان العلمية وتعريف الدراسة حيث يذكر فيها عنوان الدراسة، صاحب الدراسة، الجهة التي أشرفت على الدراسة الجامعة، المؤسسة)، والسنة التي أنجزت الدراسة ومكان الدراسة(البلد).
جوهر الإشكالية:
المقصود بجوهر الاشكالية هو أن الباحث يجري تلخيصا للإشكالية يحدد فيها أهم النقاط التي تخللت الاشكالية أي يقوم بحصر الأبعاد التي تناولتها الدراسة.
عرض فرضيات الدراسة:
يقوم الباحث بعرض هذه الفرضيات لكي يبرز فيما بعد ما إذا كان قد تبنى إحدى هذه الفرضيات أم قام بصياغة فرضيات جديدة بما يتوافق مع الأبعاد التي تبناها.
أهداف الدراسة:
يذهب الباحث إلى عرض الأهداف التي قامت عليها الدراسات السابقة لما لها من أهمية في تبرير اختيارات الباحث للأبعاد التي تبناها.
أهم المداخل النظرية أو المقاربات النظرية:
يقوم الباحث بعرض أو ذكر أهم المداخل النظرية أو المقاربات التي
تبنتها هذه الدراسات السابقة في تفسير مشكلتها.
الإجراءات المنهجية للدراسة الميدانية:
يقوم الباحث بعرض كل الإجراءات والتدابير التي استخدمت في هذه الدراسات السابقة والمتعلقة بالدراسة الميدانية حيث يتم عرض فيها:
مجالات الدراسة. * أدوات جمع البيانات
منهج الدراسة. * عينة ومجتمع الدراسة
نتائج الدراسة:
يتم عرض النتائج التي وصلت إليها كل الدراسات السابقة.
4- الأخطاء الشائعة في تحضير الدراسات السابقة:
- الاعتماد على المصادر الثانوية بكثرة.
- الاعتماد على المقالات غير العلمية التي تنشر في المجلات اليومية.
- التركيز على نتائج الدراسات عند رجوعنا للمقالات العلمية .
- اختيار الدراسات السابقة التي ليس لها علاقة مع موضوع الدراسة.
- في كثير من الأحيان يخطأ الطلبة في كتابة المراجع، مما تمنع الباحثين الأخرين من الاستفادة من نفس المرجع
الخاتمـــــــــــــــــة
نستنتج من خلال ما سبق أن البحوث السابقة هي مصدر إلهام لا غنى عنها بالنسبة إلى الباحث، لأن كل بحث ما هو إلا امتدادا للبحوث التي سبقته، لذلك لابد من استعراض الأدبيات، أي معرفة الأعمال التي أنجزت من قبل حول الموضوع الذي يشغل بال الباحث.
فالأدبيات الموجودة حول موضوع ما، هي إذا طريق للاستكشاف وقراءة النصوص الملائمة تسمح للباحث بالإحاطة بموضوع بحثه الخاص وضبطه بصورة جيدة.
وللخروج ببحث يرقى إلى أن يكون ضمن البحوث الموثوقة وجب على الباحث اعتماد مصادر متعددة ومختلفة للاعتماد عليها في البحث الذي يقدمه.
قائمـــة المصـــــــادر والمراجـــــــــــــع:
- بدوي عبد الرحمان، (1977)، مناهج البحث ، ط2، وكالة المطبوعات، الكويت.
- بوحملة حليمة خيذر سميرة، (2017)، أخلاقيات البحث العلمي لدى الأستاد والطالب الجامعي، واقع مذكرات الليسانس والماستر والدكتوراه في الجامعة الجزائرية ، سلسلة الكتب الأكاديمية لكلية العلوم الانسانية والاجتماعية .
- بوقصاص عبد الحميد ، (2005)، البحث العلمي كأساس للتنمية الشاملة، محاضرات الأسبوع العلمي الوطني الرابع للجامعات حول موضوع "التكوين تحدي القرن الحادي والعشرين"، جامعة أبو بكر بلقايد، تلمسان، الجزائر .
- بلغيث سلطان ، (2006)، مفاتيح مفاهيمية في العلوم الاجتماعية، ط1، دار قرطبة للنشر والتوزيع .
- زرواني رشید، تدريبات على منهجية البحث في العلوم الاجتماعية، ط1،الجزائر، دار هومه.
- محمد عبد الحميد، (2004)، البحث العلمي في الدراسات الإعلامية، ط2 ،القاهرة، مصر، عالم الكتب.
- سعد سلمان المشهراني، (2017)، مناهج البحث الاعلامي، دولة الامارات العربية المتحدة. الجمهورية اللبنانية، دار الكتاب العربي.
- السيد أحمد مصطفی ، (2008)، البحث العلمي مفهومه واجراءاته ومناهجه، ط3، الكويت ، مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع.
تعليقات
إرسال تعليق